صيام الحائض في رمضان
حكم امتناع الحائض عن الطعام والشراب في رمضان.. توجيهات دار الإفتاء والآراء الفقهية المختلفة

يعد شهر رمضان المبارك فترة مهمة للصيام والعبادة بالنسبة للمسلمين في جميع أنحاء العالم، ومع ذلك، قد تواجه بعض النساء الحائض خلال هذا الشهر تساؤلات حول صيامهن وأداء العبادات الأخرى، وفي هذا السياق نتناول حكم امتناع الحائض عن الطعام والشراب في رمضان بنية الصوم، ونستعرض التوجيهات والآراء الشرعية المتعلقة بهذا الأمر، حيث تأكل النساء في هذه الأيام شيئًا قليلًا ثم تمسك بقية اليوم مراعاةً لحرمة شهر رمضان ، ورفع الله خلال هذه الأيام تكليف الصيام عن المرأة لتعوضها في أيام أخرى.
ما حكم امتناع الحائض عن الطعام والشراب في رمضان؟
وتفسر دار الإفتاء المصرية حكم امتناع الحائض عن الطعام والشراب بنية الصوم، حيث تصرّح بأنه يحرم على المرأة شرعًا الصيام خلال فترة حيضها، ويجب عليها قضاء الأيام التي تفوتها بسبب ذلك بعد انتهاء شهر رمضان. كما يتضمّن الحكم الفقهي آراء متنوعة حول الإمساك بالصيام للحائض، إذ يؤكد بعض العلماء على وجوب الامتناع، وقال الإمام النووي في "المجموع": (ولو أمسكت- أي: الحائض لا بنيّة الصوم لم تأثم ، وإنما- أي: تأثم إذا نوتْهُ وإن كان لا ينعقد)، كما يرى بعض الفقهاء أنه يستحب لها الإمساك في خصوم صوم رمضان تشبّهًا بالصائمين، وذلك لأن الإمساك من خواص رمضان، بينما يرى الآخرون أنه يستحب لها الإمساك.
موضحةً إلى أن الشيخ عبد الحميد الشرواني أوضح في حاشيته "على تحفة المحتاج": "والحاصل أن مَن جاز له الفطر ظاهرًا وباطنًا فلا يجب عليه الإمساك بل يُسن، ومن حرم عليه ظاهرًا وباطنًا أو باطنًا فقط وجب عليه الإمساك".

وتابعت: أن هذا الاستحباب إنما هو في حق مَن لا تنوي الصيام، أما في حق من تظن أن في إفطارها حرجًا شرعيًّا كحال غالب النساء اليوم فلا يشرع لها أن تمسك أصلًا، بل يجب عليها اعتقاد انتفاء الحرج عن نفسها بالإفطار وامتثال أمر الشرع لها بترك الصيام، وإذا لم يحصل لها ذلك إلا بتناول شيء من المفطرات فيجب عليها ذلك في هذا الوقت.
صحة صيام الحائض في رمضان
وقالت دار الإفتاء إنه المقرر شرعًا أنه لا يصح صوم الحائض، ولا يجب عليها، ويحرم عليها، ويجب قضاؤه، وقد روى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ"، ثم قال: "وَتَمْكُثُ اللَّيَالِيَ مَا تُصَلِّي، وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ فَهَذَا نُقْصَانُ الدِّين"، وفي رواية للبخاري: "أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتِ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟"، وهو استفهام تقريري يراد منه حملُ المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر قد استقر عنده العلم به.

وفي النهاية، يجدر بالمرأة الحائض أن تلتزم بتعاليم الدين وأحكامه، وأن تستشير العلماء والمشايخ فيما يخص وضعها الشرعي وكيفية التعامل معه في ضوء الظروف الصحية الخاصة بها.