كم باقي على رمضان 2024| كيف يجعل الصوم الإنسان صاحب النفس المطمئنة؟

باقٍ 33 يوما على موعد شهر رمضان 2024.. وفي هذا الشهر الكريم يقوم الصيام بدور تهذيبي للنفس البشرية، حتى تصل إلى النفس المطمئنة، حيث إنها بطبيعتها عندما تكون في نعم الله، غالبا ما تغفل أو تتغافل عنها، كنعمة الصحة ونعمة المال وغيرهما، وقد تقابل النفس زيادة النعم بالجحود، كما قال قارون "إنما أوتيتُه على علم عندي" (78 – القصص)، فكان جحوده للنعم بدل شكر مَن منحها له سببا في الخسف به وبداره.
رمضان وتهذيب النفس البشرية
ولأن النفس يمكن أن تطغى وتجحد؛ فإنها تحتاج دائما إلى تذكيرها وإرجاعها إلى التوازن بالفعل لا الكلام، وهذا هو ما يفعله شهر رمضان في المسلم، حيث إن الصوم يساوي بين الجميع، سواء الغني، أو الفقير، أو الحكام أو المحكوم أو الرجل أو المرأة، يساوي بين الجميع في ردع النفس عن الطغيان والغرور بما أوتيت من نعم الله؛ حتى لا ينسى أن واهب النعم هو الله عز وجل عندما يُحرم منها لعدة ساعات طوال أيام شهر رمضان، كما أنه يدرب النفس على الصبر والتحمل؛ لتقوى وفي ذات الوقت تعرف وتحس بقيمة النعم التي هي فيها، فتشكر الله عليها، وبين شكر النعم وتحمل الصبر يكون إصلاح النفس البشرية؛ حتى لا تندرج تحت النفس الأمارة بالسوء، وإنما تكون على إحدى درجتين: النفس اللوامة التي أقسم الله بها، والنفس المطمئنة، ولا يحدث هذا التهذيب إلا في رمضان.
الصوم تطعيم للوقاية من الأمراض النفسية
فمع فترات الصيام الممتدة من الفجر إلى المغرب يبدأ المسلم يشعر بالجوع والعطش، وهذا أشبه بالتطعيم الذي يتم حقنه بجرعة ضعيفة منه؛ ليكتسب الجسم المناعة من المرض بقوته وشراسته، فالهدف من الصوم هو حرمان مؤقت من النعمة؛ ومن ثم يكون هذا الحرمان المؤقت جرعة التطعيم الواقية للنفس من كفر النعمة والتكبر والتجبر، ولا يتحقق إلا بأن يعيش الإنسان هذه التجربة؛ لأن الكلام لا يجدي مع النفس بدون أن يتم التطبيق عليها عمليًّا، ووقتها يشعر الإنسان بضعفه البشري، فيتراجع اغتراره بقوته، وتنمحي نزوة التجبر على خلق الله والتعالي في الأرض، وهذا من الأمن الوقائي النفسي في مدرسة رمضان لصنع الرجال المؤمنين فعلا لا قولا، والذين ينطبق عليه الآية الكريمة "الذين آمنوا وعملوا الصالحات".