باقي 41 يوما على أول يوم رمضان 2024.. (فوائد الصيام النفسية)

باقٍ من الزمن 41 يوما على شهر رمضان.. فاليوم الاثنين 29 يناير 2024 م يوافق 17 رجب 1445 هـ، وأول يوم رمضان 2024 بالحسابات الفلكية هو يوم الاثنين 11 مارس، وفقا لمعمل أبحاث الشمس بالمعهد القومي للبحوث الفلكية عن موعد شهر رمضان 2024.
موعد شهر رمضان 2024
ومع العد التنازلي لشهر رمضان يستعد المسلمون في شتى بقاع الأرض لهذا الشهر المبارك، وهم في أشد الشوق إليه، وقلوبهم تدعو "اللهم بلغنا رمضان"؛ لأنه فرصة لا تعوض، فاز بها من فاز، وحُرم منها من حُرم.
فهو شهر الله الذي نزل فيه القرآن الكريم هدى للناس.. شهر الصيام المدرسة الربانية للصبر.. شهر القيام والنور الذي يسعى بين أيديهم وبأيمانهم.. شهر البركات ومضاعفة الحسنات.. شهر الرحمات والأجر الذي يجزي الله به.. شهر العفو والعتق من النار وتكفير ذنوب عام إذا اجتُنبت الكبائر.. شهر "ليلة القدر خير من ألف شهر".
الفوائد النفسية لشهر رمضان
رمضان ليس شهرا ككل الشهور، فهو دورة تدريبية سنوية لمداواة النفس البشرية من سقمها، وتطهيرها من الذنوب، كما أنه يرتقي بها؛ حتى تستحق المكانة التي خلقها الله من أجلها، ورفعها فوق جميع مخلوقاته، بما فيهم الملائكة المقربون.
رمضان دورة تدريبية لتأجيل الإشباع الفوري
للصيام فوائد نفسية كثيرة، فهو تهذيب وامتناع عن بعض رغبات النفس وبعض احتياجات البدن في وقت محدد وأيام معدودات، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس وفي أيام الشهر الكريم، وسنذكر واحدة منها، وهي ما يسميها علماء النفس "تأجيل الإشباع"، وذلك عن طريق الامتناع عن رغبات نفسية حددها الله لهدف جليل.
وهذا الامتناع، أو "تأجيل الإشباع" هو ما يميز بين الطفل والبالغ وعلامة نضج الشخصية، فالطفل عندما يرغب في شيء معين، فإنه يريد الإشباع الفوري له؛ لأن هذا الاحتياج يتملك كل تفكيره، فلا يكون عنده صبر عليه؛ لذا يظل يلح عليك حتى تعطيه له.
ومع تقدمه في العمر ونضجه نفسيا يقل عنده الإشباع الفوري، ويبدأ في الصبر على احتياجاته. ويختلف الصبر على تأجيل الإشباع الفوري بين الكبار من شخص لآخر، وهنا فلسفة الصوم الذي فرضه الله على المسلمين، فهو تدريب للنفس على الصبر بتأجيل الإشباع.
يمثل شهر رمضان دورة تدريبية سنوية للنفس البشرية على هذا الصبر، الذي يمثل أحد أهم جوانب نضج الشخصية أمام استعجال الإنسان على الشهوات، التي يمكن أن تتدنى بالإنسان، خاصة عند من ليس لديها إيمان، فينكبُّ عليها، حتى ينحدر إلى دركات أسفل من الشياطين، وهو ما وصفه القرآن الكريم بقول الله عز وجل "خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ"، وقوله "كَلا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ* وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ".
لذا فإن المسلم مطالب في صيامه بالامتناع عن بعض الحلال ابتغاء مرضاة الله، وهو ما يجعل النفس مؤهلة للامتناع عن الحرام بشكل قاطع، ودون أي تعلق به، بل إنها بعد تخرجها في مدرسة الصوم تدرك الأمور المحرمة على حقيقتها، وهي أنها خبث، فتنفر منها، وفي ذات الوقت تتوق للاستزادة مما أحله الله، وبارك فيه، وفي هذه الحالة تسمو الروح وتشف، وترتقي بصاحبها إلى حيث نور الإيمان بطهره ونقائه وعظمته، فيستمتع بالحياة دون الاقتراب من الخبث الذي يلوث النفس قبل أن يضر بالبدن.