دعم أحمد الطنطاوي لجماعة الإخوان سياسة رخيصة أم ولاء للتنظيم؟

في غفلة من الزمان امتطى صهوة طموحه وظن أن تحطيم الميكروفون في مجلس النواب وخطبه الحنجورية في اللعب على وتر الغلبان كفيل أن يقدمه للشعب كـ «سياسي مخضرم»، وأنه قادر على تحقيق الأحلام المستحيلة واتخذ من مهاجمة الدولة على طول الخط وسيلة لزيادة قاعدة شعبية مزيفة تزيد في خياله فقط، قبل أن تسول له طموحاته أن يعلن ترشحه لانتخابات الرئاسة المقبلة، ولأننا في دولة قانون يرفضها ويعارضها «الطنطاوي» نفسه لم يعترض طريقه أحد لأنه حق دستوري له كمواطن مصري طالما لا يوجد قانونا ما يمنعه من الترشح.
وعلى طريقة مرشحي الانتخابات الأمريكية راح أحمد الطنطاوي النائب السابق يروج لبرنامجه الانتخابي فزار مقر الحركة المدنية مقدما نفسه على أنه حامل لواء المدنية قبل أن يخرج بخفي حنين يجر أذيال الخيبة بعد رد الفعل غير المتوقع من قادة الحركة والتي رأي معظمهم أن كرسي مصر أكثر اتساعا على السيد طنطاوي ثم راح يزور المساجد ويلتقي المصلين والمارة، وفي كل مرة لا ينسى أن يفتعل مشكلة ليظهر للعالم أن النظام المصري بكل أجهزته تفرغ لمحاربته، وهو الوقود الذي يستعين به في حملته حتى إذا كانت الهزيمة مدوية تكون هناك شماعة النظام الذي حاربه.
صار الأمر هكذا حتى اقترف «الطنطاوي» كبيرة من الكبائر عند المصريين لامجال للتسامح فيها ولا رجاء للتوبة منها وهي الحديث عن إعادة الإخوان للمشهد السياسي في مصر في حال فوزه، وكانت تلك السقطة المدوية لـ الطنطاوي كفيلة أن تقلب في وجهه الطاولة وتسقطه قبل أن يبدأ فسريعا جاء الرد من الشعب الرافض ومن أمهات الشهداء التي زرفت دما بعد تعهد «المراهق السياسي» بإعادة قتلة أبناءهم فيما جاء الرد «السياسي» عاصفا على دعوة المرشح القادم لرئاسة حكم مصر واستنكرت الأحزاب المدنية والناصرية وبمختلف اتجاهاتها ما يدعو له طنطاوي وقالت لا لعودة أمراء الدم والإرهاب والفوضى والفتنة والتحريض.
على عكس الساسة المحنكين رمى الطنطاوي بالكرة في الوقت الخطأ ونثر الملح على جرح مازال ينزف في كل بيت مصري فقد الابن والأب والزوج والسند في حرب ضروس مع جماعة حكمت السلاح مع كل الشعب واستعملت المتفجرات والقنابل في تسوية حساباتها مع كل المصريين دون تفرقة.
الأحزاب تصفع الطنطاوي
حزب التجمع عمود التيار المدني استنكر ما جاء به طنطاوي في اجتماعه مع قادة الحركة المدنية باعتباره مرشحا محتملا للرئاسة، الذي كشف عن نيته حال فوزه بإعادة الإخوان، وأكد الحزب، موقفه الثابت والتاريخي برفض وجود الجماعة الإرهابية بأي صورة من الصور، مذكرا بموقف الشعب المصري بخروجه في ثورة 30 يونيو العظيمة، لإسقاط حكم المرشد، معربا عن قلقه البالغ من ردود الأفعال غير الواضحة لبعض قادة الحركة المدنية تجاه ما كشف عنه المرشح المحتمل للرئاسة، خاصة أنه ينتمي لفصيل سياسي مؤسس للحركة.
كما أكد التجمع، أنه انطلاقا من حرصه على استمرار التحالف الرافض لتيار التأسلم السياسي، فهو يأمل في موقف أكثر حاسما من هذه التصريحات التي تتكرر منذ فترة بحجة تعزيز السلام الاجتماعي، فيما تستهدف في جوهرها تحقيق ما تستهدفه الجماعة الإرهابية بالعودة للمشهد العام مرة أخرى، في تحد واضح لمشاعر الشعب المصري.
واختتم الحزب بيانه قائلًا إن حزب التجمع وهو يثمن الدور السياسي للحركة المدنية، فإنه يؤكد حرصه على ثبات مواقفها الواضحة من الجماعة الإرهابية، وكل من يدعم عودتها للمشهد السياسي بأي شكل من الأشكال.
أيضا أكد المكتب السياسى لحزب الجيل فى بيان أصدره عقبة دعوة طنطاوي ضرورة اتفاق الأحزاب والتكتلات السياسية الحزبية على عدم التسامح مع من رفعوا السلاح فى وجه الوطن وروعوا المواطنين ونشروا الفزع والرعب فى كثير من المناطق فى طول البلاد وعرضها وتلطخت آياديهم بدماء المصريين سواء كانوا من أبطال الجيش والشرطة والمواطنين المدنيين، والسماح لهم بالعودة من خلال أشكال جديده وذلك عبر طى صفحة الماضى ونسيان أحداثها الدامية التى دفع الوطن ثمناً غاليا لها.
موقف حزب التجمع هو موقف كل الأحزاب المصرية التي رأت في دعوته استنساخ لسنة دامية وكبيسة عند المصريين فقدوا فيها فلذة الأكباد وهم بالآلاف لكن ذاكرة طنطاوي الضعيفة نسيت مواكب الشهداء وحسرات الأمهات ودموع الزوجات وحنين الأطفال.
فرح الإخوان ومولد سيدي الطنطاوي
بمجرد إطلاق رؤيته تلقى الإعلام الإخواني وذبابه الإلكتروني الضوء الأخضر لنصب السيرك ودعم وتأييد والتهليل لرغبة الطنطاوي في إعادة جماعتهم للمشهد وبدأ الترويج في منصات أهل الشر أن تلك ليست رغبة الطنطاوي فقط ولكن رغبة عامة في الوسط السياسي والشعبي وكأنهم أدمنوا الكذب وكان طبيعيا أن الهارب والمتهم والمحرض أيمن نور يخرج لتأييد أحمد الطنطاوي ويبارك دعوته، كما تلقفت وسائل إعلام دأبت على مهاجمة الدولة المصرية منذ سنوات طويلة على تقديم الطنطاوي على أنه الفارس المنقذ والذي تحاربه قوة العالم الشريرة.
أسئلة صعبة للسيد الطنطاوي
مع إطلاق دعوته بإعادة الإخوان للمشهد السياسي يضع أحمد طنطاوي السياسي الخبير إن جاز التعبير في ورطة فهو إما لا يعترف ولا يحترم أحكام القضاء التي صنفت جماعة الإخوان على أنها إرهابية، ولا يحترم رغبة المجتمع الدولي الذي صنف عدد كبير من دوله الجماعة بالإرهابية أو أنه أحد أعضاء هذه الجماعة، وبالتالي يسعى للخروج على أحكام القضاء المصري والتصنيف الدولي؟.
التساؤل الآخر لماذا لا يعلن الطنطاوي الآن موقفًا صريحًا من جماعة الإخوان هل هي جماعة إرهابية مكانها السجون أم هي فصيل سياسي يستحق العودة للمشهد السياسي؟، وماذا سيقول الطنطاوي لأسر شهداء الوطن؟.