الحادثة

رد الاعتبار ومحو آثار الجريمة من سجل الداخلية

عابد كمال الوكيل
عابد كمال الوكيل

يهتم الكثيرون بكيفية شطب الأحكام من جهاز الحاسب الآلي بوزارة الداخلية، والفرق بين رد الاعتبار القضائي والقانوني، وإجراءات محو الأحكام الجنائية والسوابق القضائية.

الفرق بين رد الاعتبار القضائي والقانوني

لا شك أن هذا الأمر يهم الأشخاص الذين سبق اتهامهم في قضايا، وصدر بشأنها أحكام قضائية، بالإدانة، أو بالبراءة، أو السقوط، أو الانقضاء بالتصالح، وهل الأحكام المتهم بها الشخص أحكام نهائية أم غيابية، من محكمة الدرجة الأولي أم الاستئنافية، وهل جناية أم جنحة؟، كما أن المشرع المصري منح هؤلاء الأشخاص إجراءات قانونية يتبعوها لمحو وشطب هذه الأحكام من الحاسب الألي الخاص بوزارة الداخلية، ولكن باستيفاء شروط معينة وفقًا لما سيأتي :

في كثير من الأحيان يحدث خلطًا لدي الكثيرون ولبسًا بين المعلومات الجنائية والأحكام المطلوب تنفيذها ، و الأحكام المسجلة بصحيفة الحالة الجنائية , والجدير بالذكر أن هناك ما يطلق عليه ” كارت المعلومات الجنائية ” يُعد صحيفة سوابق المتهم الذى سبق أن صدر حكم قضائي ضده في قضية ما، وذلك سواء قضاه أو لم يقضه.

وغالبًا ما يكون هناك سبق اتهام لشخص ما من قبل النيابة العامة في قضية معينة ,ودون صدور حكم قضائي ضده، إلا أن هذا الاتهام يجعله غالبًا موضع شبهة في أعين ضباط المباحث ,ويظل عالقًا بجبين هذا الشخص “المتهم” طيلة حياته ويحمل همه 
لماذا؟ 

السبب أن هذا الشخص لا يقوم بمحو هذا الاتهام من صحيفته بقسم التسجيل الجنائي بسجلات مصلحة الأمن العام.

وفي كثير من الأحيان تظهر هذه الإشكالية بشكل واضح وجلى في مسألة « كارت المعلومات الجنائية » , ولذلك كان لزاما علينا من باب واجبنا القانوني كرجال قانون تجاه المواطنين أن نقوم بعمل مقالات قانونية لتوعيتهم حتى لا يكونوا عرضة للمسائلة القانونية بدون قصد .

نتحدث اليكم هنا عن التفرقة بين المعلومات الجنائية، والأحكام الجنائية، والأحكام الجنائية المسجلة بصحيفة الحالة الجنائية، ووسيلة محوها من الحاسب الآلي لوزارة الداخلية ، فمن الضرورة أن نخوض في خضم تلك الإشكالية التي تسبب الكثير من التعقيدات والأزمات من الناحية القانونية .

مصلحة الأمن العام

”مصلحة الأمن العام” تابعة لوزارة الداخلية حيث أنه في غضون عام 1913 تم إنشاء إدارة عموم الأمن العام، وكان محور اختصاصها هو فرض القانون والنظام، ثم أعقب ذلك إنشاء إدارة ” تحقيق الشخصية ” حيث قد ضُم إليها قلم السوابق الجنائية، وهو معنياً بالتعرف على المجرمين السابقين ولاسيما حالَ العود لارتكاب الجرائم، ثم أتبع ذلك إنشاء فروع “المباحث الجنائية” في أقسام الشرطة، وقد أُنيط بها مراقبة ورصد ومكافحة نشاط المجرمين الأشقياء الخطرين.

ـ في عام 1965 صدر قرار وزاري برقم « 170 » بتنظيم مصلحة الأمن العام بكونها إحدى أجهزة قطاع الأمن الجنائي بوزارة الداخلية، وقد تحدد بمقتضى هذا القرار اختصاص ”مصلحة الأمن العام ”بالإشراف على جهود أجهزة الأمن بالمحافظات، حفاظًا على الأمن العام وإقرار النظام والسكينة، وتنسيق ,وتوجيه ,ومراقبة هذه الجهود لمكافحة النشاط الإجرامي بصوره المختلفة «منعاً وكشفاً».

وإليكم نبذة عن إدارات مصلحة الأمن العام المصرية.

مصلحة الأمن العام تتكون في الوقت الحالي من العديد من إدارات أهمها :

أولا : إدارة الأدلة الجنائية : 

اختصاصها إصدار صحيفة الحالة الجنائية، ولا يتم إدراج إلا الأحكام الجنائية التي تم تنفيذها، أما التي لم تنفذ لا يتم إدراجها بصحيفة الحالة الجنائية.


ثانيا : إدارة تنفيذ الأحكام :

تختص بإدراج الأحكام الواجبة التنفيذ والمطلوب تنفيذها والصادرة في القضايا المحكوم بها ,وما يدرج على الحاسب الألي بوزارة الداخلية هي : رقم القضية , وجهة صدورها , ورقم الحصر, ومدة العقوبة, والكفالة ,واسم المتهم ,ومحل إقامته.

ثالثاَ: إدارة المعلومات والمتابعة الجنائية :

تختص بتسجيل الشخص جنائياَ , وذلك من خلال استمارة تسجيل مدون بها بياناته الشخصية مثل الاسم ورقم البطاقة والعنوان, وكذلك مواصفاته الجسمانية مثل الهيئة والطول والعمر, ولون الشعر والعينين , واسم الشهرة أن وجد , وأسماء أشقائه , واسم والدته, وجهة ميلاده , وكارت معلومات, ويتم إدراج البيانات على الحاسب الآلي , وأي قضية أو محضر حتى لو إداري , ومهما كان التصرف النهائي بالقضية حتى لو صدر حكم بالبراءة يتم تسجيلها كمعلومة جنائية على الشخص، وهذا يمثل اعتداءً جسيما على حرية الفرد حيث أن وزارة الداخلية لديها وسيلة قاطعة لرصد المجرمين وهى صحيفة الحالة الجنائية.

كيفية محو المعلومات الجنائية والأحكام المطلوب تنفيذها، والأحكام المسجلة بصحيفة الحالة الجنائية من جهاز الحاسب الآلي لوزارة الداخلية.

النوع الأول : المعلومة الجنائية

يتم محوه المعلومات الجنائية من الحاسب الآلي لوزارة الداخلية مبدئيا بتقديم تظلم للأمن العام بمحو المعلومات , كما يجوز إرسال ذلك التظلم بخطاب مسجل بعلم الوصول , ثم الانتظار ستون يوما ,فإن رفضت التظلم أو لم ترد مصلحة الأمن العام, يتم رفع دعوى محو بيانات تسجيل جنائي أمام محكمة القضاء الإداري, وتكون الدعوي بشق مستعجل , ويتم اختصام كلا من وزير الداخلية ومدير مصلحة الأمن العام ومدير إدارة المعلومات والمتابعة ومدير الأمن والمحافظ.

وهذه الدعوي يتم تأسيسها على أن التسجيل الجنائي هو اعتداء صارخ علي الحرية الشخصية المكفولة بالدستور والقانون, حيث أن المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة ، كما أن العقوبة شخصية.

كما أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ، وأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قضائية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه, ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي , ولضمان سلامة التسجيل الجنائي، لابد أن تُراجع تلك البيانات بصفة دوريًة لتحديث ما ورد بها من معلومات لتصحيح الأخطاء الواردة بها، واستكمال البيانات التي وردت بشأنها حتى لا تضفى ظلالًا من الشك حول سيرت الشخص ولا يؤاخذ صاحبها بغير حق أو تدمغ سمعته بالباطل , وأن يتضمن هذا التسجيل حقائق جنائية ثابتة ومبنية على قرارات أو أحكام قضائية فاصلة، حيث إن وزارة الداخلية لديها وسيلة قاطعة لحصد و رصد المجرمين وهى” صحيفة الحالة الجنائية” ومن شروط قبولها تقديم التصرف النهائى بالقضايا المراد محوها وصحيفة الحالة الجنائية تشير إلى عدم وجود أحكام جنائية مسجلة.

النوع الثاني وهو الأحكام الجنائية

يتم محوها من الحاسب الآلي , وذلك بعد تقديم التصرف النهائي بالقضية سواء كان براءة أو سقوط أو إدانة وتم التنفيذ بها أو وقف تنفيذ أو صلحا وبعد محوها من الحاسب يتم تسليم الشهادة بمديرية الأمن التابع لها الحكم .

الأحكام الجزئية يتم محوها من الحاسب الآلى لمديرية الأمن , بينما الأحكام المستأنفة و الجنايات من الأمن العام بالقاهرة , و لكن يتم تسليمها بمديرية الأمن و بعد ذلك يتم الاستعلام  عنها من النيابة المختصة و يتم إرسالها لمصلحة الأمن العام لمحوها.

النوع الثالث: الأحكام الجنائية المدونة بصحيفة الحالة الجنائية .

الأحكام التى تم تنفيذ ها وقضاء العقوبة بها، وإجراء محو تلك الأحكام المنفذة سواء كانت جنائية أو جنحة هو رد الاعتبار , إذ نصت المادة «536» من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950 تنص على أنه:

”يجوز رد الاعتبار إلى كل محكوم عليه فى جناية أو جنحة، ويصدر الحكم بذلك من محكمة الجنايات التابع لها محل إقامة المحكوم عليه وذلك بناء على طلبه .

وتنص المادة ( 537 ) على أنه : « يجب لرد الاعتبار:

أولا: أن تكون العقوبة قد نفذت تنفيذا كاملا، أو صدر عنها عفو، أو سقطت بمضي المدة.

ثانيا: «أن يكون قد انقضى من تاريخ تنفيذ العقوبة أو صدور العفو عنها مدة ست سنوات إذا كانت عقوبة جناية، أو ثلاث سنوات إذا كانت عقوبة جنحة، وتضاعف هذه المدة فى حالتى الحكم للعود وسقوط العقوبة بمضى المدة» .

وتنص المادة (550) على أنه : « يرد الاعتبار بحكم القانون إذا لم يصدر خلال الآجال الآتية على المحكوم عليه بعقوبة جناية أو جنحة مما يحفظ عنه صحيفة بقلم السوابق :

أولا : بالنسبة إلى المحكوم عليه بعقوبة جناية أو بعقوبة جنحة في جريمة سرقة أو… متى مضى على تنفيذ العقوبة أو العفو عنها أو سقوطها بمضي المدة اثنتا عشرة سنة.

ثانيا: بالنسبة إلى المحكوم عليه بعقوبة جنحة في غير ما ذكر، متى مضى على تنفيذ العقوبة أو العفو عنها ست سنوات، إلا إذا كان الحكم قد اعتبر المحكوم عليه عائدا، أو كانت العقوبة قد سقطت بمضي المدة فتكون المدة اثنتي عشرة سنة “.

وتنص المادة (552) على أنه : « يترتب على رد الاعتبار محو الحكم القضائي بالإدانة بالنسبة للمستقبل ، وزوال كل ما يترتب عليه من انعدام الأهلية والحرمان من الحقوق وسائر الآثار الجنائية ».
من خلال هذه النصوص القانونية يتبين لنا أن هناك نوعان من رد الاعتبار.

أولا : رد اعتبار قضائي: وهو المنصوص عليه بالمادة 537 ورد اعتبار قضائي يكون من أمام محكمة الجنايات التابع لها محل إقامة الطالب بعد انقضاء ست سنوات في الجناية.

وثلاث سنوات فى الجنحة وبعد استيفاء المطلوب في المادة 539 ¸ ويكون ذلك بطلب يقدم الي نيابة الاستئناف التابع لها محل إقامة الطالب , ويرسل للنيابة الجزئية لاستيفاء ولسؤال الطالب , كما تطلب تحريات المباحث عن سلوكه ويتم سؤال شيخ الناحية، كما يتم الاستعلام من السجن الذى نفذ فيه العقوبة , ثم بعد استيفاء الأوراق يتم إرسالها لنيابة الاستئناف، التي تقوم بدورها بإرسال الأوراق إلي محكمة الجنايات التابع لها محل إقامة الطالب والتي تحكم برد اعتباره ويتم تنفيذه بالأدلة الجنائية بالعباسية لرفع اسم الطالب من الحاسب.

والثاني رد اعتبار بحكم القـانون المنصوص عليه بالمادة 550 إجراءات جنائية.

رد اعتبار بحكم القانون يكون بمرور 12 سنة في الجناية و6 في الجنحة، وبالتالي الجهة الإدارية  إذا لم تمحو القضايا المسجلة يتم التظلم أمام الأمن العام وتنتظر ستون يوما ثم يتم رفع دعوي أمام القضاء الإداري بإلغاء قرار سلبى بالامتناع عن محو بيانات واسم الطالب من الأدلة الجنائية، وإذا لم تمر تلك المدد المبينة عاليه يتم رفض الدعوى في حالة رفعها بالقضاء الإداري لعدم إتباع الطريق الصحيح الذى رسمه الفانون .

من هذا المنطلق يتم لنا الإجراءات القانونية اللازمة حيال هذه الأزمة وفي حالة اتباع هذه الخطوات تكون قد تخلصت من هذا العبء الذي من الممكن أن يسبب لك في ضياع مستقبلك ومستقبل أولادك وانتظروا في مقالات قادمة ضمن مبادرة التوعية التي نقدمها لحضراتكم .