الحادثة

الجريمة المنظمة والطائفية في نيجيريا (1)

نيجيريا.. اقتصاد يتنامى ونفوذ إقليمي يتسع في القارة السمراء

الجريمة المنظمة والطائفية
الجريمة المنظمة والطائفية في نيجيريا

تعاني نيجيريا كغيرها من بلدان أفريقيا من عصابات الجريمة المنظمة والإرهاب، إلا أن هناك مفاعيل داخلية تؤدي لتفاقم وتفشي الجريمة المنظمة في نيجيريا، أبرزها التنوع الإثني والصراعات الطائفية والقبلية بين أبناء الوطن الواحد، فالمجتمع النيجيري يتألف من حوالى 250 مجموعة قبلية، تختلف كل قبيلة عن الأخرى في حجمها وأوزانها النسبية ومدى تأثيرها على الصعيد السياسي، كما تختلف في لغتها وثقافتها وفي الهيئات والعادات والتقاليد، وتقول بعض المصادر إن عـدد الجماعات الإثنية في نيجيريا تجاوز الـ 400 جماعة إثنية، وفي ظل تدهور الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد، نشبت الكثير من الصراعات بين هذه الطوائف مما أدى لتفشي الجريمة المنظمة وأعمال العنف والارهاب في المجتمع.

الجغرافيا السياسية لدولة نيجيريا

الموقع الفلكي والجغرافي

نيجيريا، كلمة محرفة من كلمة نيغرو اللاتينية، والتي تعنى الأسود القصير أو الزنجي الصغير، وقد تم إطلاق هذا المسمى من قبل الأمم القديمة على سكان غرب إفريقيا واستراليا، كما قام العرب بإطلاق كلمة الزنج أو السودان أو النوبة عليها، وأطلقوا تسمية (نيل السودان) على النهر النابع من أعالي (فوتا جالون)، والذي يجري تجاه الشرق إلى الصحراء الكبرى مارا ببلاد تمبكتو، ثم ينحدر باتجاه الجنوب إلى ثغر (لوكوجا) إذ يلتقي به نهر بنوى الذي يجري من بلاد (آدماوى) وينبع من سفح جبال كمرون، فينحدر كلا النهران ويصبان فـي المحيط الأطلسـي عند خليج بنين.

ونيجيريا كلمة تعنى بالمعنى العام ما حول بلاد نيغرو، أو ما حول وادي النيجر، وتنطبق هذه الكلمة على كافة البلاد التي وجد فيها نيغرو " قبائل الزنج" بغرب إفريقيا، كما تطلق هذه الكلمة على البلاد التي مر بها النهر نيجير من منبعه إلى مصبه، ويشمل هذا المسمى كافة ما يعرف في يومنا هذا بغرب إفريقيا، إذ أن النهر قد اخترق أغلبها في مروره، وما حدث من اطلاق اسم نيجيريا على الحدود الجغرافية الموجودة حاليًا، فقد كان في عهد الاستعمار الإنجليزي للبلاد، وبالتحديد عندما عُين فيدريك لوغاد حاكماً عاماً على هذه البلاد، ولذلك أطلق عليها اسم نيجيريا.

وتتألف نيجيريا من 36 ولاية، فهي دولة فيدرالية، تقع غرب إفريقيا بين دائرتي عرض 4 و 14شمالًا، وتبلغ المساحة العامة لنيجيريا حوالى 923768 كيلو مترا مربعاً، وتشترك نيجيريا في حدودها مع مجموعة من الدول المجاورة، فتحدها ثلاث دول، من الغرب جمهورية بنين، ومن الشمال جمهورية النيجر، ومن الشرق تحدها جمهورية الكاميرون، بينما من الجنوب فيحدها المحيط الأطلسي، أما تشاد فإن الحدود التي تربطها بنيجيريا مائية داخل بحيرة تشاد التي تقع في الشمال الأقصى الغربي لنيجيريا، وبالاطلاع على الخريطة نجد أنّ جزءً من حدود نيجيريا مع النيجر ومع الكاميرون هي حدود مائية أيضًا داخل بحيرة تشاد.

خريطة جمهورية نيجيريا الاتحادية

 

موقع نيجيريا الجيوسياسي

 

مدن وولايات نيجيريا

 

أهم المناطق الجيوسياسية في نيجيريا

 

يوضح الجدول التالي أبرز المعلومات عن دولة نيجيريا.

 

مظاهر السطح والمناخ

التضاريس: يتشكل سطح نيجيريا من مجموعة من الجبال التي تطل على الحدود الشرقية مع الكاميرون، أهمها جبلي مندار وغوتل، وهـي جبال متوسطة الارتفاع إذ لا تتعدى 2040 مترًا، بينما السهول فهي تتمثل في سهول ساحلية جنوبية تصل مساحتها في الغرب إلى حوالى 300 كم، بينما لا تتعدى مساحتها 100 كم في الجانب الشرقي للبلاد، وإلى جانبها سهول فيضية تمتد حول مجاري نهـري بينوي والنيجر فى الوسط، كما أن بنيجيريا أيضًا هضابًا تتواجد في وسط البلاد تمثلها هضبتي بوتشي وجوش.

المناخ: تمتاز نيجيريا بنطاقات مناخية ثلاث هي:

  • المناخ المداري الرطب، وهذا المناخ يسود جنوب نيجيريا، ويتميز بأنه مناخ ممطر، وتقدر الأمطار في هذا المناخ الساقطة على نيجيريا بحوالي 2500 مم كل عام، وتقدر الحرارة العالية فى هذا المناخ بأنها تساوي 20 درجة أو تزيد.
  • المناخ المداري الجاف: يسود هذا المناخ أجزاء واسعة من البلاد، ويمتاز بأمطاره التى تقدر بحوالي 1500 مم سنويا، كما يمتاز باعتدال درجة حرارته.
  • المناخ الصحراوي: يسود أقصى شمال البلاد ويتميز بجفافه فتقدر الأمطار فيه بحوالي 500 مم كل عام أو أقل من ذلك، كما يمتاز بارتفاع درجة الحرارة.
مظاهر السطح والمناخ في نيجيريا

 

الموارد الطبيعية

تتوفر لدى نيجيريا موارد طبيعية عدة تتمثل في الأراضي الزراعية ووفرة المياه لاسيما في الأقاليم الجنوبية، إذ تمثل الأراضي الزراعية نحو 34% من المساحة العامة لنيجيريا، وما سـاعد على ازدهار الزراعة مناخ الدولة المداري الجاف، علاوة على وفرة اليد العاملة، إذ تمثـل القوة العاملة النشطة نحو 30%، ومن بين الموارد الهامة للدولة العائدات البترولية، إذ تعد نيجيريا سادس منتج عالمي للبترول.

وبسبب توافر هذه الموارد تحتل نيجيريا مراتب متقدمة في بعض المنتجات الزراعية، فهي تحتل المرتبة الرابعة في إنتاج الكاكاو، والمرتبة السادسة فـي إنتـاج المـوز، والثامنة في مجال الخشب، وفيما يخض الموارد المعدنية فتنتج الدولة النيجيرية حوالى 100 ألف طن من الفحم سنويا، ونحو 100مليون طن من البترول، وما يقرب من 5 مليارات متر مكعب مـن الغـاز (احتيـاط 2470 مليـار م3)، فضلا عن الحديد الذي تنتج منه حوالى 5 ملايين طن سنويا، وأخيرا وليس آخرا تنتج نيجيريا من القصدير ما يقرب من 7 آلاف طن سنويا.

الموارد الطبيعية في نيجيريا

 

الأهمية الجيوستراتيجية لنيجيريا

تقع نيجيريا في الغرب الأقصى لأفريقيا، وتحديدا شمال خط الاستواء، وتطل على المحيط الأطلسي، ويحدها من الغرب كما ألمحنا دولة بنين، وفي الشمال النيجر، وفي الشرق الكاميرون وتشاد، وتطل على خليج غينيا من ناحية الجنوب، وتبلغ الحدود البرية لنيجيريا حوالى 4047 كم، منها ما يقرب من 773 كم مع بنين، وحوالى 1690 كم مع الكاميرون، ونحو 87 كم مع تشاد، وما يقرب من 1497 كم مع النيجر، فيما يبلغ طول الشريط الساحلي لنيجيريا حوالى 853 كلم على المحيط الأطلسي.

ونستنتج مما سبق أن دولة نيجيريا تتموقع في مساحة جيوستراتيجية مهمة للغاية، فموقعها يجعلها حلقة وصل بين غرب إفريقيا وإفريقيا الوسطى، ومـا يعزز من قيمة هـذا الموقع الجيوستراتيجي لدولة نيجيريا عضويتها فـي الكثير من المنظمات الإقليمية على مستوى القارة، فهى عضو بمنظمة الاتحاد الإفريقي، كما أنها عضو بمنظمة المجموعة الاقتصادية لدول غـرب إفريقيـا (CEDEAO) ، وما يزيد من أهمية نيجيريا امتلاكها لاحتياطيـات ضخمة من النفـط، فنيجيريا من أكبـر الدول الإفريقيـة إنتاجـاً للنفط، وكما أشرنا فإنها تأتى فى قائمة الدول الأكثر إنتاجا للنفط حول العالم، إذ أنها في المرتبة السادسة فى تلك القائمة.

جدير بالذكر أن نيجيريا تبذل جهودًا كبيرة في حل نزاعات البلدان المجاورة لها، سـواء عن طريق التدخل العسكري، كما حدث في ليبيريـا عام 1991م، في إطار قـوات الإيكواس، أو عن طريق إرسال قوات لحفظ السلام، كما حدث إبـان الحرب الأهليـة التي شهدتها سيراليون في العام 1998م، وقد شجبت الحكومات النيجيرية المتعاقبة التدخل العسكري الغاشم في شؤون القارة، سواء كان هذا التدخل من القوى الغربية مباشرة، أو ممن ينوب عنها، ولذلك وجهت نيجيريا انتقادات حادة وشديدة اللهجة لنظام الأقلية البيضاء القائم على التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، وعملت نيجيريا على إيجاد حلول في شأن تحرير جنوب إفريقيا من الاستعباد والاستبداد، كل هذا جعل من نيجيريا قوة إقليمية هامة على صعيد القارة.

اقرأ أيضا: اليابان تكافح الجريمة المنظمة .. هل تنجح ؟