الحادثة

عاقبه على شذوذه وجنونه بالآثار

الشرطة تكشف لغز جثة عادل .. "همام" يقتل أبوه بالبلطة ويترك جثته بالصحراء

الحادثة

"خلاص حلمك هيتحقق"، كانت تلك الكلمات بمثابة طاقة نور أضاءت حياة الرجل السبعيني، الذي طالما حلم بالثراء الفاحش طول العمر الماضي، حاول مرارًا وتكرارًا التنقيب عن إرث الفراعنة التي طالما رأها "عصا سحرية" ستتبدل معها أحواله 360 درجة. 

ظن تلك المرة الأخيرة ويرتاح قلبه الذي تعلق بهذا الحلم، دون أن يدري بخلده بما ستؤول إليه الأمورفي أحداث أشبه بالدراما.

فتاة تتزوج عريس كفر الشيخ الشاذ جنسيًا

قبل أكثر من 30 سنة، ترك "عادل" بلدته في ريف كفر الشيخ، استقر به الحال داخل منزل بسيط في الجيزة مع فتاة تزوجها بعد ترشيح من الأهل، والتي لم تلتفت لتحذيرات البعض في قريتها من سوء سلوكيات "العريس" الشاذة، وقررت بمحض إرادتها خوض المغامرة بإقدام وثبات كبيرين: "يابنتي العريس ده شاذ والكل في البلد عارف".

مرت سنوات في البيت الجديد ورُزق الزوجان بـ4 أطفال "ولد و3 بنات"، عمد الأب جاهدًا إلى العمل في أي شيء وبأي ثمن لتوفير احتياجات بيته، وتنشئة أولاده بشكل جيد إلا أنه لم يتخلص من "أفعاله الشاذة" التي لازمته طوال عمره حتى بعد حمله لقب "الزوج وأب" حيث كان يمارس الشذوذ الجنسي.

لغز مقتل عادل في الصحراء

تغيرت الأحوال في البيت وكبر الطفل "همام" الابن الوحيد لـ"عادل" والذي عمل في الزراعة، كان رجلًا صالحًا "شهم بين الناس" إلا أن سيرة والده الشاذة ظلت تطارده وشقيقاته أينما ذهب وكأنها شبح يأبى ألا يفارق الأربعة، فضلًا عن إشارة البعض إلى هوس الأب بالتنقيب عن الآثار بحثًا عن الثراء السريع.

ظن الوريث الشرعي للأب السبعيني أنه مع تقدم عمر والده سيكف عن أفعاله المشينة بشتى صورها، لا سيما مع استعداده لاستقبال أحفاد، فسيطرت على الابن مخاوف من سُمعة غير مستحبة قد تلازم هؤلاء الأطفال طيلة حياتهم الأمر الذي سيتسبب لهم في ضيق كبير بين رفقائهم.

في الليل غادر الأب منزله دون إخبار الأولاد والزوجة عن وجهته، حاولت التوصل إلى خط سيره لكن دون جدوى: "هو أنا لسه عيل هقولك رايح فين"، لم يخبرها سوء بجملة واحدة، "لما أخلص واجي هقولك" دون أن يدري بأنه اللقاء الأخير ولن تطأ قدماه المنزل مرة أخرى.

بحلول المغيب عثر أهالي المركز الواقع في نطاق محافظة الجيزة، على جثة شخص مجهول الهوية في الصحراء، توصل رجال المباحث إلى هوية الجثة، وتبين أنها لشخص يدعى "عادل" 72 سنة، ليبدأ عمل فريق البحث الفعلي لكشف ملابسات "الجريمة اللغز".

جهود البحث والتحري التي قادها رجال البحث الجنائي كشف عن مفاجأة بأن القتيل اشتهر بأنه شاذا جنسيًا، فضلًا عن تعلقه الشديد بالآثار والتنقيب عنها في مناطق عدة بالمركز لتحقيق الثراء السريع.

كثفت الأجهزة الأمنية التحريات حول علاقة المجني عليه بأفراد أسرته خاصة زوجته ونجله الوحيد "همام" الذي أخبر رجال المباحث بخط سير الأب في اليوم الذي سبق اكتشاف جريمته، "كنت قاعد مع أمي وأخواتي بالليل".

لم يفصح الشاب العشريني تفاصيل خط سيره في تلك الليلة، وأكد أنه لم يغادر المنزل وقت وقوع الجريمة، إلا أن الأم أشارت إلى أنه ذهب لأداء صلاة العشاء "مش فاكرة راح في حته ولا لا"، جميع ما سبق كان محل ملاحظة من رجال الشرطة الذين حاولوا التأكد من تلك الرواية فكانت المفاجأة حاضرة، تبين كذب الابن وأنه كان بالفعل مع والدته وأشقاءه لكن قبل وقوع الجريمة.

الكاميرات تكشف لغز الجثة

فرغت الأجهزة الأمنية كاميرات المراقبة وأكدت كذب الابن، وأظهرت عودة سيارة الأب للمنزل في موعد مغاير لذلك الذي أخبر به رجال المباحث، ليجلس رئيس المباحث داخل مكتبه يلملم قصاصات الورق التي دون فيها خيوط الواقعة التي كشفت أمامه واحدة تلو الأخرى، وخلُص إلى أن المشتبه به الرئيسي هو نجل الضحية.

توجهت مأمورية من الأجهزة الأمنية إلى منزل المجني عليه، اقتادت نجله إلى ديوان القسم بداعي سماع أقواله كإجراء روتيني ضمن سير التحقيقات دون أن يدري بما ينتظره هناك داخل أروقة القسم الذي لن يغادره بعدها.

"كنت فين بليل وقت وقوع الجريمة" سؤال طرحه رجال المباحث على الابن الذي أجاب برواية جديدة لما سبق "كنت في الصيدلية بجيب دوا علشان كنت تعبان شوية" إلا أن التحريات أثبتت زيفه ليتم مواجهته بنتيجة التحريات والمشاهدات ليصمت برهات حاول معها امتلاك قواه التي أنهكت من محاولاته لمرواغة قوات الشرطة ليقر بما اقترفته يداه "أنا اللي قتلته علشان أخلص من السيرة اللي بيطاردنا كلنا من زمان".

شرح الشاب العشريني تفاصيل جريمته مؤكدا أنه سَئِم أفعال والده الشاذة لاسيما عدم توقفه عن طلب ممارسة الآخرين الشذوذ معه، وتنقيبه الدائم عن الآثار، "كان شاذ ومجنون بالآثار" لافتا إلى أن فكرة شيطانية اختمرت في ذهنه بوضع نهاية لما يعاني منه وأسرته والتخلص من نظرات الأهالي الحارقة، أخبر بوالده بأنه عثر على مقبرة أثرية بمنطقة في الصحراء رفقة آخرين.

بمجرد سماع الأب حديث ابنه ذهب عقله وتوجه معه مستقلين سيارة الأول ماركة "دايو نوبيرا" حتى وصلا إلى المنطقة المقصودة، ترجل السبعيني من السيارة، فباغته فلذة كبده بـ ضربات بواسطة "بلطة" أردته قتيلا في الحال، وترك جثته في الصحراء وعاد إلى المنزل وكأن شئ لم يكن.

حرررت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة محضرًا بالواقعة، وتولت النيابة العامة التحقيق، والتي أمرت بإحالة ملف القضية إلى محكمة الجنايات لنظرها ومحاكمة المتهم.