الحادثة

الجريمة المنظمة في غرب أفريقيا (2)

تطرف وجريمة منظمة.. الإرهاب الأسود يقضي على الأخضر واليابس في بورنو

الارهاب في ولاية
الارهاب في ولاية بورنو

منذ عام 2015، تضاعفت الأحداث العنيفة المرتبطة بجماعات الجريمة المنظمة في ولاية بورنو، بالتزامن مع هجمات القوات الأمنية النيجيرية على هذه العصابات في غالبية المناطق النيجيرية، ما دفع هذه التنظيمات إلى تركيز عملياتها على المناطق الأكثر عزلة في ولاية بورنو، وتحديدًا غابة سامبيسا الوعرة المتاخمة للجبال الشمالية الغربية للكاميرون والأراضي الرطبة في فيركي جنوبًا، وشنت الجماعات سلسلة من الهجمات والغارات على الطرق السريعة من خلال مهاجمة المسافرين على الطرق السريعة، وتخريب شبكة الكهرباء، وإنشاء نقاط تفتيش دائمة، وزرع الألغام الأرضية، بهدف عزل عاصمة الولاية مايدوجوري، وقد تمكنت هذه الجماعات بالفعل من عزل ولاية بورنو عن بقية نيجيريا.

جماعة بوكو حرام في ولاية بورنو

يُذكر أن عدد أحداث العنف المرتبطة بهذه الجماعات على الطرق الرئيسة في ولاية بورنو كان يتضاعف كل عام عن العام السابق له، حتى بلغ ستة أضعافه تقريبًا في العام 2019، ما أدى لارتفاع عدد الوفيات، وقد بلغ عدد الوفيات الذين تم الابلاغ عنهم فقط بهجمات الطرق السريعة نحو 259 حالة وفاة، وذلك خلال الفترة (2015 – 2020)، وخلال العام 2020، تمثل الهجمات على الطرق السريعة نحو 13% من الأحداث العنيفة المرتبطة بالجماعات الارهابية في ولاية بورنو، وتحديدًا جماعتي بوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا، وتشمل الحوادث العنيفة خلال هذه الهجمات على الطرق السريعة السطو والاختطاف وحرق المركبات والإعدام بإجراءات موجزة، وتشير التقارير إلى أن ما يقرب من 90% من عمليات الاختطاف التي نفذها المسلحون في عام 2020 جاءت من أحداث الطرق السريعة.

يوضح الأشكال التالية الأحداث العنيفة المرتبطة بالجماعات الارهابية، وتحديدًا جماعتي بوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا، على الطرق السريعة في ولاية بورنو خلال الفترة (2016 - 2020).

هجمات الجماعات الارهابية على الطرق السريعة في ولاية بورنو خلال الفترة (2016 - 2020)

هجمات الجماعات الارهابية على الطرق السريعة في ولاية بورنو خلال الفترة (2016 - 2020)
هجمات الجماعات الارهابية على الطرق السريعة في ولاية بورنو خلال الفترة (2016 - 2020)

في ظل انتشار حوادث الطرق السريعة في تلك المنطقة، وكثرة الكمائن التي تشنها جماعات الجريمة المنظمة على المركبات العسكرية والمدنية ولا يتم الإبلاغ عنها، فانه من الصعب الوصول لاحصائيات دقيقة تحصر هذه الهجمات بدقة، حتى أن القوافل المدنية التي تحت الحراسة العسكرية مستهدفة من تلك الجماعات، ومما تجدر الإشارة إليه أنه في 26 سبتمبر 2020، وقع هجوم من تلك الجماعات على موكب حاكم المنطقة في شمال شرق نيجيريا، وقد نتج عن هذا الهجوم مصرع 12 شرطيًا وخمسة جنود وأربعة أعضاء في ميليشيا تدعمها الحكومة وتسعة مدنيين، ثم ارتفع العدد إلى 30 شخصًا، إذ تم انتشال العديد من الجثث في المناطق المحيطة بعد الهجوم، هذا إضافة إلى إصابة العديد من الأشخاص، وفي وقت سابق تعرضت قافلة تنقل حاكم بورنو، باباغانا أومارا زولوم، لهجوم من مسلحين بالقرب من بلدة باغا على ضفاف بحيرة تشاد، لكن الارهابيين فروا من القافلة بناقلة جند مدرعة وشاحنة بندقية وست مركبات رياضية متعددة الاستخدامات، وأكدت الشرطة في بيان لها أن هذا الهجوم الإرهابي على القافلة الأمنية أسفر عن مقتل ثمانية من رجال الشرطة وثلاثة من عناصر الميليشيات المدعومة من الحكومة، كما اصيب 13 شخصا آخرين إثر هذا الحادث الغادر.

مقتل 200 شخص في 6 أشهر

تذكر العديد من التقارير أنه خلال الأشهر الستة الأخيرة من العام 2020 وحدها، قُتل أكثر من 200 شخص وتم اختطاف أعداد كبيرة من على الطرق السريعة الرئيسية التي تؤدي إلى مسقط رأس تمرد جماعة بوكو حرام، ومع مرور الوقت تزداد جرأة وقوة جماعات الجريمة المنظمة في تلك الولاية، وتزداد خطورتهم، وتتضاعف العمليات الارهابية وأحداث العنف التي يقومون بها، وتستهدف هذه الجماعات المدنيين وعمال الإغاثة والجنود وحتى السياسيين الفاعلين في الدولة.

الجريمة المنظمة في ولاية بورنو

بعد سيطرة جماعات الجريمة المنظمة على ولاية بورنو وعاصمتها مايدوجوري نتيجة لهذه الهجمات وأحداث العنف التي يقومون بها، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بأكثر من 50% عن مستوياتها السنوية في تلك المنطقة، وازدات الأوضاع سوءًا في ظل تفشي وباء كورونا، كما أدى التهديد المستمر لهجمات هذه الجماعات المسلحة إلى إعاقة إنتاج المحاصيل المحلية التي يمكن أن تساعد في تلبية الاحتياجات الغذائية في المنطقة، وزاد الأمر سوءًا تخلى نحو 78120 مزارعًا عن إنتاج الغذاء في بورنو وتارابا وغيرهما.

وقد أدت هذه الأزمات إلى نزوح حوالي 56000 من الأسر من 28 مجتمعًا في ولاية بورنو، وحتى نهاية 2020، وقبل نزوح هذه الأسر، كان غالبيتهم يعملون في الزراعة والصيد في موسم الأمطار والجفاف، وزرعوا ما لا يقل عن 56000 هكتار من الأراضي وحصلوا على 1.5 طن متري من الحبوب للهكتار في المتوسط، لكن منذ عام 2015، فقدوا باستمرار منتجاتهم لصالح الجماعات الإرهابية، وفي ولاية بورنو وحدها، عاني حوالي 4.3 مليون شخص في 2020 من أزمة الغذاء، وغالبية هؤلاء الآن يعتمدون على المساعدات الغذائية التي تصل إليهم عن طريق البر.

وإلى جانب الجرائم وأحداث العنف التي تقع من عصابات الجريمة المنظمة على الطرق السريعة، يتم أيضًا استهداف المدن المحصنة نفسها التي غالبًا ما تكون مخابئ الأسلحة والذخيرة والمركبات، كما يتم استهداف المنشآت العسكرية، ما أدى لزيادة حدة المواجهات بين المسلحين وقوات الأمن الحكومية، وفي عام 2019، منح انسحاب الجيش النيجيري إلى المعسكرات الفائقة، هذه الجماعات نطاقًا أكثر حرية للتنقل عبر المناطق النائية في المنطقة، ما ساعد هذه الجماعات في تكثيف عملياتها الإجرامية، وفي غالب الأحيان لا يتم تعقب العديد من خسائر هذه العمليات، ما يزيد من صعوبة تحديد قدرات هذه المجموعات، وقد أصدرت مجموعة الأزمات الدولية العديد من التقارير المتعمقة عن أنشطة الجماعات الإجرامية، خاصة بوكو حرام في نيجيريا، وتوجد تقارير عن ترسانة بوكو حرام وأنماط الاستحواذ، لكنها ضعيفة نسبيًا وقولية إلى حد كبير.