تعرف على آداب المجالس في الشريعة الإسلامية

إن لكل شيء زينة، وزينة المجالس آدابها، ومجالس بلا آداب، مجالس غوغاء وصخب ولهو.
وقد أعلى الإسلام من شأن الآداب في كل شيء؛ لذا كان لا بد من معرفة أهم الآداب التي شرعها الإسلام لمجالسنا:
1-إلقاء السلام والاستئذان عند الدخول:
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تدخلوا الجنة حتى تُؤمنوا، ولا تُؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم))
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة))
وروى البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك وإلا فارجع)).
2- اجلس حيث ينتهي بك المجلس، ولا تطلب من أحد أن يقوم لتجلس مكانه
فمن الأدب أن نجلس حيث يجلسنا أهل البيت فهم أعلم بعورة بيتهم منا
لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يُقيمن أحدكم أخاه ثم يجلس في مجلسه))
ولقوله صلى الله عليه وسلم أيضًا: ((لا يُقيمن أحدكم رجلًا من مجلسه ثم يجلس فيه، ولكن توسعوا وتفسحوا))
. وكان ابن عمر إذا قام له رجل من مجلسه لم يجلس فيه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا قام أحدكم من مجلس ثم رجع إليه فهو أحق به))
، وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كنا إذا أتينا النبي صلى الله عليه وسلم جلس أحدنا حيث ينتهي
3- حفظ أسرار المجلس:
فلا تنشر سراً أذيع فيه، واستر عورة اطلعت عليها، ولا تعتاد نقل كلام المجلس إلى خارجه، إلا في خير وإصلاح ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((المجالس بالأمانة))
واحذر إفشاء أسرار المجلس ولو بعد القطيعة والوحشة.
قيل لبعض الأدباء: كيف حفظك للسر؟ قال: أنا قبره.
وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا حدث رجل رجلًا بحديث ثم التفت فهو أمانة))
قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا حدَّث الرجل ثم التفت فهي أمانة))
قال عمر بن عبد العزيز ابن كعب القرظي: أي خصال الرجل أوضع؟ قال: كثرة كلامه، وإفشاؤه سره، والثقة بكل أحد)
قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله: (كن حافظًا للسر، معروفًا عند الناس بحفظه فإنهم إذا عرفوا منك هذه الحال أفضوا إليك بأسرارهم، وعذروك إذا طويت سر غيرك الذين هم عليه مشفقون، وخصوصًا إذا كان لك اتصال بكل واحد من المتعادين؛ فإن الوسائل لاستخراج ما عندك تكثر وتتعدد من كل من الطرفين، فإياك إياك أن يظفر أحد منهم بشيء من ذلك تصريحًا أو تعريضًا.
فهذا أنس رضي الله عنه يقول: أتى عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان فسلم علينا، فبعثني في حاجة، فأبطأت على أمي، فلما جئت قالت، ما حبسك؟ فقلت: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة.
قالت: ما حاجته؟ قلت: إنها سر، قالت: لا تخبرن بسر رسول الله أحدًا
4- استحباب توسيع المجالس:
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة: 11].
قال ابن كثير رحمه الله: يقول تعالى مؤدبًا عباده المؤمنين، وآمرًا لهم أن يحسن بعضهم إلى بعض في المجالس: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾.
قال قتادة: نزلت هذه الآية في مجالس الذكر، وذلك أنهم كانوا إذا رأوا أحدهم مقبلًا ظنوا بمجالسهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرهم الله أن يفسح بعضهم لبعض.
وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يُقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه، ولكن افسحوا يفسح الله لكم))
وفي الحديث الصحيح: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، إذ أقبل ثلاثة نفر، فأما أحدهم فوجد فرجة في الحلقة فدخل فيها، وأما الآخر فجلس وراء الناس، وأدبر الثالث ذاهبًا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أنبئكم بخبر الثلاثة: أما الأول فآوى إلى الله فآواه الله، وأما الثاني فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه))
قال بعض الحكماء: (رجلان ظالمان يأخذان غير حقهما: رجل وُسع له في مجلس ضيق فتربع وتفتح، ورجل أهديت له نصيحة فجعلها ذنبًا)
وقال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ﴾.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (مما يُصفي لك ودَّ أخيك أن تبدأه بالسلام إذا لقيته، وأن تدعوه بأحب الأسماء إليه، وأن توسع له في المجلس).
5- عدم الانفراد بالحديث في المجالس:
عن الحسن رحمه الله قال: حدثوا الناس ما أقبلوا عليكم بوجوههم، فإذا التفتوا فاعلموا أن لهم حاجات.
6- لا تفرف بين اثنين حين تجلس إلا بإذنهما:
لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يحل لرجل أن يُفرق بين اثنين إلا بإذنهما))، وفي رواية لأبي داود: ((لا يجلس بين رجلين إلا بإذنهما)).
7- ذكر كفارة المجالس والدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من جلس في مجلس، فكثر فيه لغطه، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك))
وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما جلس قومٌ مجلسًا لم يذكروا الله تعالى فيه، ولم يُصلوا على نبيهم فيه إلا كان عليهم ترة[23]، فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم))
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات: ((اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تُبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تُهون به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تُسلط علينا من لا يرحمنا)
8-احذر التناجي:
فإن كان في المجلس الواحد ثلاثة، فلا تتناجى اثنين دون الثالث مراعاة لمشاعرها
لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر، حتى تختلطوا بالناس، من أجل أن ذلك يُحزنه))
تابع أحدث الأخبار عبر