الثانوية العامة 2024 في غزة.. الحرب تمزق أحلام الطلاب

طلبة من قطاع غزة يعبرون عن يأسهم وهم يواجهون أيام امتحانات الثانوية العامة لعام 2024، وهي السنة الدراسية المؤهلة للدخول إلى الجامعات، في ظل الحرب المستمرة التي لا تظهر أي علامات على الانتهاء.
طلاب الثانوية العامة 2024 في غزة
كان من المفترض أن يبدأ كريم المصري (18 عاماً) امتحاناته النهائية في غزة هذا الأسبوع، لكنه بدلاً من ذلك، قضى صباحه في تعبئة أكياس المياه لتجميدها وبيعها لتوفير لقمة عيش لأسرته. وقال المصري لصحيفة "نيويورك تايمز": "كان يجب عليّ أن أكون في الفصل الدراسي وأستعد لامتحاناتي النهائية. ولكن بعد مرور أكثر من ثمانية أشهر منذ بداية الحرب، أقضي أيامي في العمل لإعالة أسرتي والتكيف مع الظروف القاسية نتيجة الحرب".
وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، كان من المقرر أن يبدأ نحو 89 ألف طالب وطالبة فلسطيني في امتحانات الثانوية العامة، لكن نسبة من سيتقدمون للامتحانات لم تتجاوز 56 في المائة بسبب الظروف القاهرة التي أحدثتها الحرب في غزة، حيث حُرم 39 ألف طالب وطالبة من التقدم للامتحانات.
وأشارت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، بحسب وفا، إلى أن 430 طالباً وطالبة من الثانوية العامة استشهدوا في غزة، بينما استشهد 20 آخرون في الضفة الغربية خلال العام الدراسي الذي بدأ في أغسطس الماضي.
طلاب تحت الحصار
وقال الطالب براء الفرا، البالغ من العمر 18 عامًا والنازح من خان يونس في جنوب قطاع غزة، إنه كان يترقب امتحاناته بحماس، ولكن الحرب أفسدت هذه الفرحة. وأوضح لوكالة الصحافة الفرنسية قائلاً: “في البداية كنا نأمل في نهاية الحرب قريبًا، ولكننا لا نعرف متى ستنتهي أو كم سنة سيتم منعنا خلالها من حياتنا التعليمية”.
أعرب الفرا عن رغبته في مغادرة المنطقة لتحقيق أحلامه، مضيفًا: "آمل في فتح المعبر حتى أستطيع السفر وإكمال دراستي دون إضاعة سنوات من عمري، فأنا لا زلت صغيرًا وأرغب في تحقيق طموحاتي." لكن حاليًا، يواجه الفرا الواقع الصعب للحياة تحت الحصار، معبرًا عن أمله في تجاوز هذه الظروف القاسية.
وأضاف: "أود لو كنت أختبر التعب من السهر والدراسة حتى وقت متأخر، بدلاً من التعب من الانتظار في طوابير للحصول على مياه لذيذة ونظيفة في منطقة ندر فيها الموارد الأساسية مثل المياه النظيفة." تدمير المرافق التعليمية... أو ملاجئ للنازحين".
ودمرت الحرب نظام التعليم في غزة، الذي كان يعاني بالفعل بعد عدة حروب وتصعيدات منذ عام 2008، مع إغلاق المدارس منذ بدء الحرب في أكتوبر (تشرين الأول)، بعد ما يزيد قليلاً عن شهر من بدء العام الدراسي.
ووفقاً لوزارة التعليم في قطاع غزة، أصبح 85 في المائة من المرافق التعليمية في القطاع خارج الخدمة. وقد تم تحويل الكثير من المدارس في غزة إلى ملاجئ للنازحين، في حين تعرض البعض الآخر لأضرار بسبب القصف.
وقدرت «مجموعة التعليم» المدعومة من الأمم المتحدة في تقرير لها هذا الشهر، أن أكثر من 75 في المائة من مدارس غزة تحتاج إلى إعادة بناء كاملة أو إعادة تأهيل كبيرة لفتحها مجدداً، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
كتب وليس قنابل
في ظل الحرب الدائرة في قطاع غزة، تعبر ليليان نهاد، البالغة 18 عاماً، والتي نزحت من غزة إلى خان يونس، عن خيبة أملها وغضبها لعدم إمكانيتها إجراء امتحانات الثانوية العامة التي انتظرتها لمدة 12 عاماً، وكانت تأمل في النجاح والسعادة بالدخول إلى الجامعة. تقول نهاد لوكالة الصحافة الفرنسية أنها كانت تحلم بدراسة اللغة الإنجليزية والحصول على الدكتوراه، لكن كل ذلك تبخر بسبب الحرب اللعينة.
عبر عشرات الطلاب والمعلمين في غزة عن غضبهم من الوضع الراهن من خلال وقفة احتجاجية في حي الرمال، حيث هتفوا "نطالب بحقنا في أداء امتحانات الثانوية العامة" و"نريد كتباً وليس قنابل". تم وضع كراسة فارغة ترمز إلى الطلاب الذين فقدوا حياتهم خلال الحرب، كتعبير عن الخسائر الفادحة التي لحقت بالمجتمع التعليمي في غزة.
فشلت الوساطات في وضع حد للحرب، مما ترك الشباب الفلسطيني في غزة في حالة من عدم اليقين حيال مستقبلهم. تعبر سلاف موسى، البالغة 18 عاماً من مخيم الشاطئ غرب غزة، التي تعرضت لغارة جوية مدمرة، عن أملها في النجاة من هذه الحرب القاسية وعدم فقدان المزيد من الأشياء التي فقدتها حتى الآن، وكانت تأمل في دراسة الطب قبل اندلاع النزاع.
الأونروا: حرمان الطلاب من الامتحانات أمر مروع
جميع جامعات قطاع غزة، والبالغ عددها 12 جامعة، تعرضت لأضرار جسيمة أو دمرت تماماً بفعل القتال، وفقاً لتقرير للأمم المتحدة.
في هذا السياق، كان الشاب الفلسطيني يوسف المصري يحلم بدراسة تكنولوجيا المعلومات في إحدى الجامعات في غزة مثل الجامعة الإسلامية أو الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية، ولكن القصف الإسرائيلي أدى إلى تدمير هذه المؤسسات التعليمية.
بدلاً من تعليق آماله على العودة إلى المدرسة والتخرج، يركز الآن المصري على العمل لدعم أسرته، حيث يعمل في بيع الثلج في مدينته دير البلح في وسط قطاع غزة. يصف المصري كيف تحولت فصول دراسته إلى ملاجئ، وكلما مر بمدرسته يشعر بالحزن عندما يلقي نظرة خاطفة على الداخل.
من جهة أخرى، تشير إسلام النجار (18 عاماً)، التي كان من المقرر أن تؤدي امتحاناتها النهائية، إلى أن مدرستها في دير البلح أصبحت أيضاً ملجأً للنازحين من رفح بسبب الهجوم الإسرائيلي. تعبر النجار عن صدمتها لرؤية مدرستها، التي كانت مركزاً للتعلم، تحولت إلى ملاجئ مكتظة بالنازحين الذين يعيشون في ظروف قاسية. وتضيف: "عندما نعود، لن نجد نفس الأصدقاء والمعلمين والزملاء الذين قتلوا خلال الحرب".
الحالمة نور النجار، التي تتابع دراستها رغم التحديات الكبيرة في قطاع غزة، ما زالت تحلم بالتخرج والدراسة في الخارج، وتضع أمامها أهدافاً عالية مثل جامعة هارفارد أو جامعة أكسفورد لدراسة إدارة الأعمال، بينما تواجه العديد من العقبات التي وضعتها الحرب. كانت تتطلع إلى الاحتفال بتخرجها، ولكن اندلعت الحرب وأوقفت كل ذلك.
وتختم نور حديثها بسؤال بدون إجابة محددة: "لماذا يجدر بربيع حياتنا أن يتزامن مع سقوط بلادنا؟ هل ذنبنا أننا حلمنا بالمستحيل؟"
من ناحية أخرى، أدانت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بشدة حرمان 39 ألف طالب في قطاع غزة من امتحاناتهم الثانوية العامة، وأشارت إلى أن أكثر من نصف مليون طفل في القطاع محرومون من التعليم لمدة تزيد عن 8 أشهر. ووصف سام روز، مدير التخطيط بالأونروا، هذه الوضعية بأنها "مروعة ومحزنة"، مشيراً إلى أن حرمان الأطفال من فرص التعلم يضيف طبقة جديدة من الحزن إلى وضعهم الصعب.
طلاب الثانوية العامة 2024 يمتحنون في مصر
سيكون بإمكان الطلاب في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل إجراء الامتحانات، وكذلك سكان غزة الذين تمكنوا من الفرار إلى مصر. لكن حتى بالنسبة لهؤلاء، فقد كان تأثير الحرب هداماً.
وبدأ عدد من طلاب الثانوية العامة الفلسطينيين السبت إجراء امتحاناتهم في العاصمة المصرية، وعلى جدار مدرسة تحمل اسم «تحيا مصر» في حي المقطم في وسط القاهرة، تم تعليق لافتة حملت شعار سفارة فلسطين لدى مصر وكُتب عليها: "امتحان الثانوية العامة الفلسطينية".
وقال الطالب الفلسطيني محمد أسامة الذي وفد إلى مصر من مدينة رفح الفلسطينية في مارس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» بعدما أنهى اختباره: «أدينا امتحان التربية الإسلامية». وتابع: «(الحالة) النفسية متعبة ونحن لم نستعد بشكل جيد».
وقال المسؤول في وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية عاهد عباس لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أدى الامتحان 802 من الطلاب المسجلين وعددهم 1095 طالباً»، موضحاً: «نحن نقوم بعملية التجهيز التامة للامتحانات من إعداد لأرقام جلوس الطلاب إلى تسليمها إليهم».
تابع أحدث الأخبار عبر