ذكرى تحرير طابا.. معركة دبلوماسية قانونية انتهت بعودة آخر شبر لحضن الدولة المصرية

في شهر رمضان المبارك هذا للعام تحتفل مصر بذكرى العاشر من رمضان وذكرى تحرير طابا .. وتحل اليوم الثلاثاء الذكرى الـ 35 لتحرير طابا ذلك اليوم الذى عاد فيه آخر شبر لجمهورية مصر العربية، من أراضيها في سيناء من إسرائيل.
معركة دبلوماسية قانونية انتهت بعودة آخر شبر لحضن الدولة المصرية
وذلك بعد الانتصار العسكري الذى حققته مصر في حرب 6 أكتوبر عام 1973، حيث خاضت مصر معركة دبلوماسية وقانونية ضخمة لتؤكد أحقيتها في تلك الأراضي، وتكتمل هذه الجهود في النهاية بحكم هيئة التحكيم الدولي بعودة تلك الأراضي لمصر.

قضية تحرير طابا بدأت في أعقاب توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في 1979، والتي نصت على سحب إسرائيل لكامل قواتها من شبه جزيرة سيناء في موعد غايته 25 أبريل 1982، بيد أن إسرائيل أثارت أزمة منذ ديسمبر 1981 من خلال الادعاء بمواقع غير صحيحة للعلامة رقم 91 في محاولة لضم منطقة طابا إلى إقليمها، وإزاء إصرار إسرائيل علي موقفها تم البحث عن حل مقبول يسمح بإنجاز الانسحاب الإسرائيلي في الموعد المحدد، مع البحث عن وسيلة مقبولة لحل الخلافات القائمة حول العلامات المعلقة دون حسم.
وفي إطار حرص مصر على إتمام الانسحاب الإسرائيلي من شبه جزيرة سيناء، وقعت الدولتان اتفاقاً في 25 أبريل 1982 استهدف وضع النزاع في إطار محدد لتسويته بإحدى وسائل تسوية المنازعات الدولية عن طريق المفاوضة أو التوافق أو التحكيم التي حددتها المادة السابعة من معاهدة السلام.
وفي يوم 11 سبتمبر 1986، وقعت مشارطة التحكيم بين مصر وإسرائيل وأُحيل النزاع إلى هيئة تحكيم دولية تشكلت من خمسة محكمين، ومنذ تشكيل هيئة التحكيم في سبتمبر عام 1986 وحتى 29 سبتمبر 1988، قدم الفريق المصري أسانيد ووثائق تؤكد حق مصر التاريخي في منطقه طابا، تمتد من عام 1274، وأيضاً مجموعة من الأسانيد والوثائق التاريخية من المندوب السامي البريطاني إلى الخارجية المصرية، والمخابرات المصرية عام 1914 وتقارير مصلحة الحدود في عام 1931 وأخرى، إلى أن أسدل الستار في 29 سبتمبر 1988 بإصدار هيئة التحكيم حكمها التاريخي في جلسة علنية عقدت في قاعة المجلس الكبير بالمقر الرسمي لحكومة مقاطعة جنيف في حضور وكيلي الحكومتين، وأعضاء هيئة الدفاع لكلا الجانبين، معلنة عودة طابا إلى أحضان الوطن المصري، ورُفع علم مصر عليها في 19 مارس 1989.

ويقول اللواء دكتور محمد قشقوش مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية مستشار المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن المناخ العسكري القتالي لحرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر، واكبه مناخا روحانيا رمضانيا، حيث طلب الفريق سعد الشاذلي بديلا جديدا لصيحة النصر، وحينها أذن لصلاة العصر في قيادة الجيش الثالث الميداني، وفي حينها تم التيمن (بالله أكبر) وهو ما نفذ منذ الضربة الجوية وكسر الصمت طوال الحرب، وخاض الرجال الحرب واستشهد من استشهد وأغلبهم صائمون بمن فيهم إخوانهم المسيحيون، فيا لها من حرب تحرير عظيمة مقدسة.
وأضاف، مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا ؛ "بلا شك أن الانتصار العسكري المصري في حرب أكتوبر كان وراء نجاح خيار السلام، الذي سبق ورفضت إسرائيل كل مبادراته على كافة المستويات قبل حرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر 1973، ولكن الموقف قد تغير بعد الحرب وأصبح لنداء السلام آذان صاغية، حيث يقود السلام إلى التنمية الشاملة في مناخ صحي خال من الإرهاب وعدم الاستقرار، بدءا بتنمية سيناء، ميدان الحرب والتحرير والسلام والاستقرار.
وأشار الى أن الانتصار القانوني في طابا، هو الانتصار الثالث في مثلث الانتصارات العسكرية والسياسية، واستغرق بضع سنوات من التحدي والصراع خلال التحكيم الدولي، واستخدمت فيه الوسائل المصرية القانونية والتاريخية والعسكرية والمساحية والطبوغرافية والجغرافية والوثائقية، لنصل في النهاية إلى أن طابا مصرية ورغم محدودية تلك البقعة من الأرض (مثل قرية ياميت الإسرائيلية في العريش) فقد أصر الرئيس الراحل السادات ومن خلفه مصر، على حرية تراب الوطن المقدس الذي لا يَقبل المساومة.
تابع أحدث الأخبار عبر