خبراء اجتماع وعلماء دين يوضحون أسباب زيادة معدلات الطلاق بالأرياف

ارتفعت معدلات الطلاق، بشكل ملحوظ وصادم، خلال السنوات الأخيرة، فطبقاً لأخر إحصائيات أجريت في هذا الشأن، هناك حالة طلاق كل دقيقة وأخرى، تشير إلى وقوع ثلاث حالات طلاق في الدقيقة الواحدة.
الملفت للانتباه، أن المجتمع الريفي المعروف عنه قوة الروابط الأسرية والعائلية، والمحافظة عليها، يحظى بنصيب الأسد من حيث معدلات الطلاق، إذ جاءت محافظة بورسعيد في المركز الأول، تليها محافظة الشرقية في المرتبة الثانية، بمعدل حالة طلاق واحدة في الساعة، أما محافظة جنوب سيناء فجاءت في المركز الأخير.
زيادة معدلات نسب الطلاق في مصر
في السياق ذاته، قالت هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الزقازيق، أن مصر كغيرها من المجتمعات، انتشرت فيها نسب الطلاق فى السنوات الأخيرة، نتيجة تغيير الأسس التي يقوم عليها الزواج.
كما أشارت، أن الزواج المبكر وراء زيادة معدلات الطلاق في مصر، فمثلا قرى محافظة الشرقية تتزوج فيها الفتاة، من عمر 13 إلى 14 عامًا.
عن تغير مفهوم الزواج، أوضحت أستاذة علم الاجتماع، أن مفهوم الزواج تغير بشكل كبير، إذ لم يعد رباطاً مقدساً كما كان فى السابق، وأصبح عمر الحياة الزوجية لا يتعدى الأسابيع والشهور، طبقاً لدراسات أطلقت فى هذا الصدد.
موضحةً أن انتشار الطلاق بهذه الصورة، كان موضع تحليل ودراسة من قبل علماء الاجتماع، وأظهرت النتائج أن شكل الزواج سواء تقليدي أم عن قصة حب، لم يعد هو الضامن للاستمرار، ففي السنوات الأولى غالبًا ما يحدث انفصال، وكلما طال الزواج لفترة أطول، كلما أثبت قدرته على التحول، لأن الصدام بين الزوجين أصبح أقل، كما أنمن أسباب زيادة معدلات الطلاق، الفروق الكبيرة بين الزوجين، واختلاف النسق الاجتماعي، مما يعتبر بيئة خصبة للانفصال.
خبراء الاجتماع: عدوى الطلاق انتقلت من المدن إلى الريف
فى نفس السياق، قال حمدي طلبة، أستاذ علم الاجتماع في جامعة الزقازيق، أن هناك إحصائيات تؤكد وقوع حالة طلاق كل دقيقة تقريباً، وذلك لعدة عوامل، من بينها؛ سوء الاختيار قبل الزواج، وخاصة بين الشباب، فضلاً عن عدم وجود تهيئة للشباب قبل الإقبال على هذه الخطوة، وانعدام التوافق بين الطرفين.
أما فيما يتعلق بزيادة معدلات الطلاق فى المجتمع الريفي، وخاصة محافظة الشرقية، قال طلبة أن النمط السائد في المحافظات، والشرقية على وجه التحديد، بعد انتقال مظاهر المدنية والتحضر إلى هذه المجتمعات، انتقلت معه عدوى الطلاق من المجتمع الحضري، ولكن بمعدلات أكبر، نتيجة هذةا المحاكاة المشوهة.
تابع طلبة لـ«الحادثة» قائلًا: التوافد والنقل الثقافي بين المدن والريف أدى إلى وجود صراع ثقافي بينهما، بالإضافة إلى اختراق وسائل التكنولوجيا الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي، مما أدى إلى الانفتاح في هذه المجتمعات بشكل كبير، ونقل العديد من القيم الثقافية المغلوطة، بالتالي تشوية ثوابت هذه المجتمعات، ومن ثم حدوث حالات عديدة للطلاق، لأسباب واهية، نتيجة هذا الصراع الثقافي بينهم وبين الحضر.
أضاف طلبة، أن المجتمع الريفى تنتشر به ظاهرة الزواج المبكر، والذى يترتب عليه العديد من الأثار السلبية، منها إنجاب أطفال مشوهين، وزيادة الأمراض عند الزوجة من سرطان الثدي والرحم، إضافة إلى عدم قدرة الوالدين على التربية السليمة لأبنائهم، لافتاً إلى أن معظم حالات الطلاق تحدث بين المتزوجين في السن المبكرة، الأمر الذى ينتج عنه التفكك الأسري، وزيادة نسبة المطلقات صغيرات السن.
اختلاف مفاهيم الزواج
فيما يتعلق بالجوانب النفسية المتسببة فى زيادة معدلات الطلاق، بهذا الشكل الفج، قال محمد الرخاوي، استشاري الطب النفسي، أن اختلاف مفاهيم الزواج قديماً، عن الوقت الراهن، سبباً رئيسيا في ذلك، كما أن الزواج قديمًا كان بمثابة عقد اجتماعي، وبالتالي كان من الصعب إنهاء هذا الرباط المقدس، لأن المجتمع شريكاً فيه، أما الأن فأصبح الزواج قائم على الحب بين طرفين فقط، هما من يقررا الوقت المحدد للارتباط والانفصال، وبالتالي ليس للمجتمع أي دور في هذا الزواج.
كريمة: عدم وعى الشباب بفقه الزواج والانحدار الأخلاقى
كان لعلماء الدين وجهة نظر مختلفة فيما يتعلق بارتفاع حالات الطلاق، حيث قال الشيخ أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، أن غياب التوعية بالجانب الدينى فيما يخص فقه الأسرة وأداب الزواج سبباً وعاملاً رئيسياً فى هذه الظاهرة.
كما شدد كريمة على ضرورة تبسيط القواعد الفقهية للحقوق والواجبات، التى شرعها الإسلام فيما يتعلق بالزواج، مطالباً المؤسسات الدينية ومنظمات المجتمع المدني بالقيام بدورها فى التوعية السليمة للشباب حول الزواج.
أضاف كريمة أن التراجع الأخلاقي والبعد عن تطبيق السنة النبوية، كان له دور رئيسي فى تفشي الطلاق، سواء فى المجتمعات الريفية أو المتحضرة.
القومى للمرأة: الزواج المبكر وسوء الأحوال الاقتصادية السبب
أكدت منى عمر، أمين المجلس القومى لحقوق المرأة سابقاً، أن هذه الإحصائية عكست الواقع بشكل كبير، لأن سبب انتشار الطلاق في الريف يرجع إلى العامل الاقتصادي، وعدم توافر فرص عمل على عكس القاهرة، بخلاف ارتفاع نسبة الأمية بشكل كبير فى هذه المجتمعات، وبالتالي لا يكون لدى الرجل أو المرأة على السواء، الوعى الكافي بحقوق كل طرف، وخاصة الرجال فى هذه المجتمعات، الذين لا يعترفون في الغالب بما يسمى بحقوق للمرأة، وتتعرض النساء لضغوط كثيرة تدفعها إلى الانفصال.
تابع أحدث الأخبار عبر