أحدث الأخبار
الجمعة 11 أبريل 2025
رئيس التحرير
محمد أبو عوض
رئيس التحرير التنفيذى
أحمد حسني

«الحادثة» يرصد حكايات ضحايا العنف الأسري

صورة أرشيفية - تحرير
صورة أرشيفية - تحرير محضر

العنف الأسري، ظاهرة شبه متكررة، دفعت الكثير من الفتيات إلى البحث عن الأمان داخل أقسام الشرطة، بعد أن أصبحت لهن الملاذ الآمن، في الوقت الذي أصبحت فيه أسرهن مصدر التهديد.

معاناة مستمرة، دفعت العديد من الفتيات، إلى تحرير محاضر بعدم التعرض للأهل، بعد أن أصبحوا مصدرًا للعنف، والأذى المستمر.

فى البداية منعهم الخوف من الأهل تارة، ومن الوصم المجتمعى تارة أخرى، لكن أصبح الإقدام على هذه الخطوة، آخر الأوراق أمامهن، بعد أن أصبحت حياتهن معرضة للخطر.

محاضر بـ«عدم التعرض» ضد الأهل بسبب العنف الأسري

الإكراه على الزواج، ربما تكون ظاهرة مرفوضة إلى حد ما مجتمعيًا، ولكن الإكراه على ممارسة العهر، تحت مسمى الزواج، وتحويل الفتاة إلى مشروع استثماري، هو ما دفع «أمنية»، ابنة محافظة الجيزة، إلى الإبلاغ عن والدها، وأخذها تعهدًا منه، داخل قسم الشرطة، بعدم التعرض لها، بعد ما أبلغت عنه بسبب إجباره المستمر لها، على الزواج من رجال عرب، لفترة قصيرة ومقابل مبالغ مالية، تتراوح من 20 إلى 30 ألف جنيه، ولا تأخذ منها شيئًا.

هكذا تحولت حياة «أمنية» من وجهة نظر أبيها، إلى دجاجة تبيض ذهبًا، حيث أنها كانت مجبرة على الزواج منذ أن بلغ عمرها 15 عامًا، وظلت على هذا الحال حتى وصلت إلى عمر الـ24، وبعد قرابة الـ9 سنوات من زيجات لم تُحص عددها من كثرتها، قررت حماية نفسها من خطر أبيها، الذى أدمن على الإتجار بها من أجل المال.

تقول أميره أبو العز، المحامية بالاستئناف ومجلس الدولة، وعضو المجلس القومى للمرأة، أن العنف الأسري، دفع العديد من الفتيات إلى التوجه لأقسام الشرطة لحماية أنفسهن، وخاصة غير القادرات على الاستقلال عنهم، وبالتالى لجأن إلى هذه الطريقة لمنع استغلالهن، وخاصة القاصرات منهن، اللاتى يتعرضن للإجبار على الزواج بشكل موسمي، وكأنها دعارة مقننة، وهذا موجود بالفعل وبكثرة فى قرى الأرياف، والفئات الأكثر فقرًا.

أسماء دافعت عن حقها فى التعليم الجامعي

بعد أن أنهت أسماء الشهادة الإعدادية، وحصولها على مجموع يؤهلها إلى الالتحاق بالثانوية العامة، لطموحها أن تدخل الجامعة، لاقت رفضًا من أسرتها الالتحاق بالثانوية العامة، وأجبروها على الالتحاق بالتعليم التجاري، وعندما رفضت ما يطلبونه منها، تعرضت للضرب المبرح من أبيها، إلى الحد الذي أوصلها إلى تحرير محضر ضده بعدم التعرض لها.

دخلت ابنة الـ15 عامًا قسم شرطة المرج، وهناك حررت محضرًا تتهم فيها أبيها بالاعتداء عليها، لإجبارها على الالتحاق بالتعليم التجاري، حتى تقضي ثلاث سنوات فقط في التعليم، وتخرج بعدها للعمل أو تتزوج، رغم حصولها على مجموع كبير فى الشهادة الإعدادية، يؤهلها إلى الالتحاق بالثانوية العامة.

الأمر أختلف تماماً بالنسبة إلى «هند»، التى تخرجت من كلية الحقوق، وهو ما ساعدها على الاستقلال عن أهلها، بعد موجة من العنف  تعرضت لها من أبيها وشقيقها معاً، لإجبارها على الزوج من نجل عمها، دون موافقتها، معتبرين حديثها المستمرة عن حقوق المرأة انفلات أخلاقي.

ولأنها من أصول صعيدية، وتعيش في محافظة سوهاج، وتدرك تمامًا أن مقاومتها لن تفلع، هربت من المنزل وذهبت للجلوس مع صديقتها، التى يعرفها الأهل، لتجد نفسها متهمة بسرقة المشغولات الذهبية لوالدتها، وأنها مطلوبة في قسم الشرطة، على خلاف الحقيقة، وذلك لإجبارها على العودة للمنزل بهذه الحيلة.

بالفعل عادت وتعرضت لضرب مبرح سبب لها كسور فى قدميها، وكدمات في مختلف جسدها، فقامت بالاتصال بالمجلس القومى للمرأة، والذى ساعدها فى تحرير محضر بعدم التعرض ضد شقيقها ووالدها.

سوء معاملة الأم والتفرقة في المعاملة

التفرقة فى المعاملة، من قبل الأم، دفعت مريم، الفتاة العشرينية، بمنطقة المطرية، إلى تحرير محضر بعدم التعرض ضد والدتها، خاصة أن والدها توفي منذ عامين، ولم تجد أمامها أحدًا تستنجد به، من سوء معاملة الأم، والتفرقة المستمرة بينها وبين باقي أشقاؤها الذكور، ومعاملتها معاملة الخادمة في المنزل.

هذا الأسلوب جعلها تترك المنزل لتعيش مع صديقاتها في شقة بمنطقة فيصل، ومع تكرار قيام الأم بمحاولة إعادتها للمنزل، قامت الفتاه بتحرير محضر ضد والدتها، بعدم التعرض لها، بعد أن قامت الأم بضربها ضربًا مبرحًا فى الشقة السكنية التى تقطنها مع صديقاتها، واتهامها لهن بسوء السلوك، مما تسبب فى طردهن من الشقة، وخاصة أنها فى منطقة شعبية.

هند تمسكت بحقها في الميراث 

فى محافظة الشرقية، كان الوضع مختلف، فالنزاع على الميراث بين الفتاة التى لم تتعد الـ25 عامًا وشقيقها، دفعه إلى محاولة الاستيلاء على حقها فى الميراث بعد وفاة والدها، ومحاولة إجبارها على بيع حقها فى الأرض له، بمبلغ لا يتعد ربع ثمن الأرض الأصلى، وعندما رفضت قام بضربها.

نتيجة لاستمراره فى الضغط عليها، اضطرت للهرب واللجوء إلى قسم الشرطة، لتحرير محضر ضد شقيقها بعدم التعرض لها مرة أخرى، وخاصة أنها مضطره للبقاء معه فى نفس المنزل، لأنها ليست متزوجة لحماية نفسها من جشع وعنف شقيقها.

في سياق متصل، قالت لمياء لطفي، حقوقية وعضو مؤسسة المرأة الجديدة، أن عشرات الفتيات يتعرضن بشكل مستمر للعنف من قبل الأهل، سواء كان من الأم أو الأب أو الشقيق فى أحيان أخرى، مشيرة أن الحالة النفسية والجسدية التى تتواجد عليها الفتاة، وهى متوجه للقسم بتحرير محضر بعدم التعرض، تدفع رجال الأمن للتعاون معها، خاصة فى ظل وجود كدمات وسحجات فى أجزاء متفرقة من جسدها، لافتة أن غالبية الفتيات قد لا تتلقى الحماية الكاملة، لوجودها فى نفس المنزل، مع مصدر الخطر التى حررت المحضر ضده، وتتعرض للحبس ومزيدٍ من العنف.

أشارت لطفي، أن المجلس القومي للمرأة، ليس مخول له الحق فى تحريك القضايا أو تحرير محاضر، ولكن يجب على الفتاة تحرير المحضر بنفسها، ويقتصر دور القومى للمرأة على توفير السكن لها فى حالة رغبتها الاستقلال عن منزل الأهل، بعد تعرضها للعنف.

كما أضافت لطفي، أننا بحاجة إلى تعديل آليات تنفيذ ذلك، فالمشكلة ليست فى تحرير محضر وإنما في آلية تنفيذه.

الوصم المجتمعي يدفع الفتيات للصمت على العنف 

قال طارق العوضى، المحامى الحقوقى، أن الخوف من الوصم المجتمعى يدفع الكثير من الفتيات، للعزوف عن تحرير هذا النوع من المحاضر، رغم وصول الانتهاكات فى بعض الأحيان إلى الاغتصاب، وأنها لن تستطيع الاستقلال عن منزل أهلها، بعدم قدرتها على ذلك ماديًا أو للخوف من نظرة المجتمع أيضا.

لفت العوضي، أنه يوميًا تتكرر هذه الحالات، وخاصة فى الأوساط الأقل ماديًا واجتماعيًا، مع تعرض البنات للعديد من الانتهاكات، سواء الجسدية أو استخدامهن فى بعض الأحيان للتسول.

كما أشار، أن القضاء على هذه الظاهرة، لن تكون بالقانون فقط، ولكن بخطى ممنهجة لتغيير موروث ثقافى استمر لسنوات.

تابع أحدث الأخبار عبر google news