إسرائيل تسقط في «الفخ الغزاوي».. سيناريوهات هزيمة الصهاينة في حرب إقليمية متعددة الجبهات

سقطت إسرائيل في فخ الحرب على قطاع غزة، فحربها الغاشمة على القطاع، أثرت بشكل كبير على المجتمع الإسرائيلي الذي يحاول الهرب الآن إلى أي دولة آمنة، بعدما تسبب حكومته في توريط الشعب في حرب طويلة الأمد، ومع إصرار الحكومة الصهيونية على استمرار حرب الإبادة على قطاع غزة، بدأت الأطراف الإقليمية في التدخل لرد هذه الهجمات الغاشمة، بما ينذر بإندلاع حرب طويلة الأمد سيكون الخاسر فيها المجتمع الإسرائيلي أولا وأخيرًا.
القضاء على المشروع التوسعي الإسرائيلي في المنطقة
كثر الحديث في الفترة الماضية عن المشروع التوسعي الإسرائيلي في المنطقة تحت مسمى صفقة القرن، وأيضا مشروع "غزة الكبرى"، إذ تسعى إسرائيل إلى توسيع مساحة قطاع غزة على حساب أرض سيناء المصرية، وهو ما دعا الأوساط المصرية والفلسطينية للتحذير من خطورته.
وجاء تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين لإذاعة الجيش الإسرائيلي أنه بنهاية هذه الحرب، لن يقتصر الأمر على القضاء على حركة حماس في غزة، وإنما سيتم تقليص مساحته أيضا. وأكده ما قاله وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بأن "بلاده ستخلق واقعا أمنيا جديدا في غزة".

وهو ما وجد ردا قويا مسبقا من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الفلسطيني محمود عباس، واللذين حذرا من المخطط الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين من غزة، الذي يقيم فيه 2.3 مليون نسمة تقريبا على مساحة 365 كيلومترا مربعا، إلى سيناء.
ويهدف مشروع غزة الكبرى لإيجاد منطقة عازلة بين حدود القطاع والبلدات والمستوطنات الإسرائيلية؛ لتوفير مزيد من الأمن لها، وإغلاق الثغرة في المساحات الجغرافية التي يصل من خلالها مقاتلو حماس إلى 10 كيلومترات من الضفة الغربية.
كما أن وجود اتصال بري بين الضفة وغزة معناه عزل وسط وجنوب إسرائيل عن باقي الأراضي؛ وبالتالي جر القوات الإسرائيلية إلى قتال صعب داخل مدن مزدحمة بالسكان على الأراضي التي قامت عليها إسرائيل في 1948.
طرح هذا المشروع جيورا آيلاند مستشار الأمن القومي الإسرائيلي عام 2004 بإقامة دولة غزة الكبرى، وتضمن أن تزيد مساحة قطاع غزة ثلاثة أضعاف وضم 600 كيلومتر مربع من سيناء له، وفقا لتصريح الكاتب الصحفي والإعلامي والنائب مصطفى بكري لوكالة أنباء العالم العربي (AWP).
وكشف بكري أن الهدف من المشروع ليس مساحة أرض بقدر ما هو تصفية القضية الفلسطينية نهائيا؛ لذا هناك مخطط لتهجير أهالي غزة بالكامل إلى سيناء وتهجير أهالي الضفة الغربية بالكامل إلى الأردن؛ من أجل إنشاء دولة إسرائيل العظمى من النهر إلى البحر.
وشدد على أن مصر لن تقبل بحدوث هذا، وأن البقاء على غزة في وضعها الحالي هو النموذج الأمثل، مشيرا إلى أن هناك محاولات ضغط أمريكية إسرائيلية أوروبية على مصر لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، ولكنها خط أحمر، ولن تقبله القيادة المصرية؛ ومن ثم ستفشله تحت أي ضغوط. مؤكدا أن مصر بالقوة التي تقابل بها أي تصعيد إسرائيلي، ولديها عدة سيناريوهات حال تعرضها لأي تهديد لأمنها القومي.

دخول المجتمع الإسرائيلي النفق المظلم وتعريض حياة الإسرائيليين للخطر
ما ارتكبته قوات الاحتلال الإسرائيلي من جرائم حرب في قصف غزة يمكن أن يدخل المجتمع الإسرائيلي النفق المظلم، ويعرض حياة الإسرائيليين للخطر؛ لأن مشروع التوسع الإسرائيلي لن يحدث، وإنما سيزيد من القوى المعادية لها، وفي جميع الأحوال الغرب يدافع عن إسرائيل، لكن الجديد في الأمر هو دخول قوى ودول في عداء صريح للكيان الصهيوني، بل واخترق الأمان العسكري والنفسي داخل المجتمع الإسرائيلي بعد عملية طوفان الأقصى، حيث نجحت في إظهار حقيقة وحشية وهمجية الجيش الإسرائيلي أمام شعبه الذي كان مغيبا عنها، وهو ما شهد به كثير من أبناء الدولة العبرية، ونشروا فيديوهات على منصة X تويتر بهذا، خاصة بعد أن شاهدوا الفرق في المعاملة بين حماس وجيشهم الغوغائي، وأدرك الوعي اليهودي من قصف غزة أن جيشها ارتكب حماقتين: الأولى قوة هلامية، حيث تم اختراق حصونه المنيعة من شباب يركبون دراجات، والثانية أنه همجي لا يتجبر إلا على المدنيين العزل والنساء والأطفال؛ لذا فإن العلاقة بين المجتمع الإسرائيلي والمؤسسة العسكرية والأمنية أصابها شرخ كبير، يتزايد بشكل ملحوظ، وظهر من خلال الدعوات للهجرة من أرض الميعاد، وفي المقابل رفعت طوفان الأقصى الروح المعنوية للشعب الفلسطيني، بعد ما رأوا بأعينهم هشاشة قوات الاحتلال المتجبرة، وأحيت فكرة التحرر الوطني بتطبيق عملي.
كما أنها كسرت هيبة دولة الاحتلال الإسرائيلي وأسطورتها أمام شعبها ودول وشعوب العالم، ونجحت في إفشال مشاريع دولية كانت معدة لمنح إسرائيل قوة سياسية واقتصادية على منطقة الشرق الأوسط.
مصر واليمن والعراق وسوريا ولبنان وإيران تتأهب لحرب طويلة الأمد
كشف الصحفي ومقدم التلفزيون الأمريكي، كلايتون موريس، من خلال مقطع فيديو نشره على توك توك، وتناقلته مواقع التواصل الاجتماعي، بعد زيارته الأخيرة لمصر، مخطط توريطها لإتمام المشروع التوسعي بتسكين أهالي غزة في سيناء، وضغط الإعلام الغربي على مصر وإلقاء اللوم عليها، وكشف أن دول الغرب "المهم عندها هو إلقاء اللوم على مصر. فالأمر كله خطأ من مصر، التي لم ترسل قوات لمساعدة إسرائيل، وابتعدت عن الولايات المتحدة ودول الغرب في الأشهر الأخيرة".
وأضاف "أنا لست خبيرا في الجغرافيا، لكن إذا كانت إسرائيل تريد الفلسطينيين للابتعاد عن طريقها، فهناك حدود أخرى كبيرة يمكنهم الفرار من خلالها، ويمكن لإسرائيل أن توفر لهم كل المساعدة التي يحتاجونها في ذلك، فلماذا تجبرهم على عبور الحدود التي قاموا هم بقصفها والمرور إلى مصر للعيش في مدينة خيام؟".
وأكد أن مصر الآن هي الوجهة رقم 1 لاستثمارات الدول العربية والشرق الأوسط، على رأسها السعودية، وأن زيارته للعديد كشفت عن المواقع والمشروعات تحت الإنشاء في مصر والتي تتجاوز قيمتها نحو مئات مليارات الدولارات، معقبا "البناء في كل مكان. فهل تعتقد أن الولايات المتحدة تحب ذلك؟".
وأمام تطورات الأحداث كان لمصر موقف قوي، حيث "خرج الرئيس المصري ليؤكد أن بلاده لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية، ولن تتهاون كذلك في حماية أمنها القومي"، وفقا لما ذكرته شبكة BBC؛ ما يعني أن مصر لم تعد الدولة التي يملى عليها، وإنما هي صاحبة قرارها، ولن تكون ردود فعل، بل فاعلا ومقرر مصيره ومصير الشعب الفلسطيني.

وعلى الجانب الإيراني أشعل تصريح حسين أمير عبد اللهيان، وزير الخارجية الإيراني، والذي نشرته وكالة أنباء "فارس"، أن أيدي جميع الأطراف في المنطقة ستكون على الزناد، إذا لم توقف إسرائيل هجماتها، فتيل التوسع العسكري ودخول أطراف أخرى ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، مشددا على أن الوضع في المنطقة مثل البارود، وأن احتمالية حدوث انفجار هائل كل ساعة، الأنظار إلى تأهب إيران وبعض دول المنطقة إلى حرب طويلة الأمد.
جاء تصريح عبد اللهيان بعد توسيع القوات الإسرائيلية دائرة الحرب من خلال هجماتها على مناطق في سوريا ولبنان. وحذر وزير الخارجية، في زيارة له لبيروت، من احتمالية توسع الحرب إلى أماكن أخرى بالشرق الأوسط حال انضمام حزب الله للمعركة.
وهو ما أفزع بعض دول الغرب، حيث أعلن قصر الإليزيه أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في اتصال هاتفي بنظيره الإيراني إبراهيم رئيسي، حذره من أي تصعيد أو توسيع للنزاع بين إسرائيل وحماس من جانب لبنان وحزب الله، رغم أن التوسيع يأتي من جانب القوات الإسرائيلية.
وعن الموقف اللبناني أوضحه وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان أن قرار الحرب في يد حزب الله، خاصة أن تصرفات نجيب ميقاتي، رئيس حكومة تصريف الأعمال، وضح منها أن لبنان لا يملك قرار السلم ولا قرار الحرب.
كما أن الأوساط السياسية والشعبية بلبنان تترقب بقلق توريط لبنان في حرب مفتوحة مع إسرائيل، خاصة بعد تأييد حزب الله لعملية طوفان الأقصى التي قامت بها حماس، في هذه الحرب، ويأتي تخوفهم نتيجة للأوضاع الصعبة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها اللبنانيون. والأدلة على ذلك أنه في مساء الاثنين 9 أكتوبر أعلن القاضي عباس الحلبي، وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال بلبنان، إغلاق المدارس في المناطق الحدودية التي تضم قضاءي مرجعيون وبنت جبيل جنوب البلاد؛ تحسباً لاستمرار القصف جراء عمليات التسلل التي جرت من الجانب اللبناني بتجاه الداخل الإسرائيلي، ويوم الثلاثاء توقفت الجامعة اللبنانية فرع الجنوب عن التدريس.
أما عن العراق على الجانب الرسمي فوصفه أحمد الرويضي، سفير فلسطين بالعراق، تعليقا على كلمة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بـ "قمة القاهرة للسلام"، بأنه جريء جدا وصلب.
وأضاف الرويضي أن موقف العراق رسميا وشعبيا ردا على العدوان الإسرائيلي كان محط تقدير كبير، وأنه حدد معالم المرحلة بثلاثة أمور أساسية من رفع الحصار وإيقاف الجريمة الإسرائيلية وفتح ممرات إنسانية لإيصال المساعدات لأهالي القطاع بجانب إنهاء جريمة الاحتلال.
وعلى الجانب الشعبي والفصائلي أعلنت المقاومة الإسلامية العراقية مسئوليتها عن استهداف قاعدة التنف العسكرية التابعة للتحالف الدولي بمنطقة المثلث الحدودي بين سوريا والعراق والأردن، بـ 3 مسيرات، حققت إصابات مباشرة للقاعدة، وتفجير خط أنابيب الغاز التابع لحقل "كونيكو" بريف دير الزور شمال شرق سوريا في منطقة سيطرة الأكراد.
ومن المرجح أن تدخل الفصائل المسلحة في العراق في اشتباكات مع القوى الصهيونية، خاصة بعد أن دعا رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي إلى نجدة المقاومة في غزة، مؤكدا أن الموعد في القدس رباني يخص جميع الشرفاء في العالم العربي، وذلك حسب قوله في كلمة مصورة بثها الخميس الماضي.
كما أكد قيس الخزعلي، زعيم "عصائب أهل الحق"، في منشور عبر منصة إكس تويتر، أن حركته تراقب الأحداث من قرب، مستعدة غير متفرجة".
وصرح أبو حسين الحميداوي أمين كتائب حزب الله في العراق أن "الواجب الشرعي يحتم وجودنا في الميدان؛ لدفع شرور الأعداء".
وتتوارد أنباء بأن الفصائل المسلحة العراقية التابعة لإيران بصدد تشكيل غرفة عمليات مشتركة مع المقاومة الفلسطينية، ويرى محللون أن غرفة العمليات تضم 3 دول، هي إيران ولبنان وسوريا إلى جانب حماس، واستشهدوا على ذلك بزيارة عدد من قيادات كتائب سيد الشهداء العراقية التابعة لإيران لمنطقة الحدود اللبنانية للتنسيق مع مقاتلين تابعين لحزب الله اللبناني، وارتفاع مستوى الاتصالات بين الفصائل العراقية ونظيرتها التابعة لحزب الله في الأيام الماضية، وصارت تتردد بينهم عبارة "المواجهة المفتوحة جغرافيا".
ولكن حتى الآن هي مجرد توقعات، حيث أوضح جبار المعموري، رئيس اتحاد علماء المسلمين، أن "ثلاثة أسباب ستدفع قوى المقاومة العراقية لدخول المواجهة مع تل أبيب، وهي اتساع المواجهة ووصولها إلى حزب الله في لبنان، أو استهداف المقاومة في سوريا، أو إرسال واشنطن طائرات ومقاتلين لإسناد الكيان الصهيوني".