أحدث الأخبار
الأحد 20 أبريل 2025
رئيس التحرير
محمد أبو عوض
رئيس التحرير التنفيذى
أحمد حسني

أموات على قيد الحياة

«الحادثة» يرصد معاناة المتحولين جنسيًا ومجهولي النسب وساقطي القيد

القضاء
القضاء

من أكثر القضايا المأساوية الموجودة في القضاء الإداري، قضايا المتحولين جنسيًا، تلك التي يختصم أصحابها فيها السجل المدني، بحثًا عن قشة تنتشلهم من غرق الموت وهم بعد على قيد الحياة، بحثًا عن قارب للنجاة من عذاب أن يعيشوا مجهولي الهوية

تلك القضايا سلطت الضوء على رحلة المعاناة التى يعيشها أولئك الذين كُتب عليهم الموت، وهو بعد على قيد الحياة، لأنهم - بشكل أو بأخر - طرقوا كل الطرق لاستخراج ما يثبت أنهم على قيد الحياة، ومعترف بهم من قبل الدولة، خاصة أن معظم التعاملات الرسمية ورقية، كالإلتحاق بالمدارس والجامعات، وحق التصويت فى الانتخابات، حتى الدفن والرحلة الأخيرة فى الحياة تحتاج لورقة.

بعد إجراء عملية التحول، والتي غالبًا ما تكون ضرورية لخلل جيني، يبقى على المتحولين جنسيًا خوض معركة جديدة لاستخراج أوراق رسمية، حتى يقفوا على أرض صلبة يستطيعون منها الإنطلاق نحو عالم يقبلهم ويقبلونه، دون خوف أو ضغط. 

معاناة استخراج الأوراق للمتحولين جنسيًا

سكة طويلة وشاقة من استخراج الأوراق يخوضها المتحولين جنسيًا، بداية من الحصول علي تصريح من لجنة تصحيح الجنس، بنقابة الأطباء، والتي تستغرق شهور، وبعد الحصول على موافقة من اللجنة بإجراء العملية، يبدأ المتحول في الذهاب للسجل المدني لتغيير الأسم والنوع، فيفاجيء بسيل من الأوراق المطلوبة، ويشترط شهادة من الطب لشرعي الذي يكون متعنت في كثير من الأحيان، ويعتمد علي تحليل الكرموسومات، الذي لا يمكن تغيير حالته حتى بعد إجراء عملية التحويل لنوع أخر، ولهذا يتم الرفض. 

لكن فى الأونو الأخيرة، أصبح الأمر أكثر مرونة بعد الاعتماد علي التقارير النفسية، وعدم الاكتفاء بتحليل الكرموسومات، وقد يتوقف استخراج الأوراق  بسبب هذا التقارير، ويظل المتحول لسنوات يحمل أوراق رسمية، لا تتعلق بهويته بعد التحول، وفي حالة رفض هذه الأوراق يلجأ المتحول إلى القضاء الإداري، الذي يستغرق وقتًا طويلًا أيضاً للبت في القضية، وقد يتم رفضها، وفي هذه الحالة يتم الطعن علي الحكم، وإذا كانت القضية تنظر في محكمة مجلس الدولة، يتم البت فيها أسرع من هيئة المفوضين التي تستمر لسنوات.

 

مجهولي النسب واللقطاء 

من بين الفئات التى تعانى من أجل استخراج ما يثبت هويتها، مجهولى النسب، سواءً من اللقطاء أو مما يتعرضون لرفع قضية إنكار نسب، من قبل ذويهم، ويتم شطب الأسم الملحق باسمهم بعد الحكم فى القضية بإنكار النسب، وقد ينسب الطفل للأم فى حالة ثبوت أن البنوه من ناحية الأم فقط، أما فيما يخص اللقطاء، فقد نص القانون على أحقيتهم  بعد إعلام وزارة الداخلية، ممثلة فى مصلحة الأحوال المدنية، بإصدار بطاقة رقم قومى لهم. 

طبقاً لقانون الطفل، لابد فى حالة العثور على طفل لقيط، تحرير محضر بالحالة التى تم العثور عليه فيها، وعرضه على طبيب الوحدة الصحية لتقدير عمره، ويضع الطبيب له أسم ثلاثى جزافى، بشرط ألا تكون الأسماء لأشخاص حقيقة، وتستخرج شهادة ميلاد بالأسم الجزافي، وفى حالة ظهور والديه الحقيقيين يتم إلغاء الشهادة.

تستخرج شهادة ميلاد أخرى ببياناته الحقيقية، واعتماد وزارة الداخلية هذه الأسماء الجزافية، وإصدار بطاقة رقم قومى بها.

أموات على قيد الحياة 

هناك من يختار بيده أن يكون بلا هوية، ليبدأ رحلة من الموت على الورق، ويكون لإعادته للحياة خيارين كلاهما مر، الأول الحبس، أو أن يكون متوفى على قيد الحياة، حيث يلجأ بعض المحتالون إلى إصدار وثيقة تأمين، بمبلغ مالى كبير لصالح الأسرة بعد الوفاة، ويقوم بتسديد قيمة القسط الشهرى المحدد للتغطية لمدة شهرين أو ثلاثة على الأكثر، ليبدأ بعدها مرحلة الموت على الورق، بالتحايل مع أحد العاملين بمكاتب الصحة، لاستخراج شهادة وفاة طبيعية، نتيجة أزمة قلبية، تظهر كمستند رسمي يقدمه الورثة لشركة التأمين، بغرض الحصول على قيمة مبلغ التعويض، المنصوص عليه بالبوليصة.

 ساقطي القيد 

أما ساقطى القيد، فهم الحالات الأسهل، فكل ما في الأمر،  أن ساقط القيد يحتاج لصورة شخصية، ومستندات تؤكد صحة الميلاد أو السكن، وإقرار البنوه، أو إقرار من أخ أو أخت بصلة الإخوة، ووثيقة الزواج، أو صورة منها، وما يثبت قيام العلاقة الزوجية بين الوالدين، وما يثبت صحة أسماء الوالدين، ثم تنعقد لجنة من السجل المدنى للبت فى الأمر، ونادراً ما يتم رفض القرار، وفى حالة الرفض يتم رفع دعوى قضائية.

فى هذا السياق قال يحيى الشيخ، المحامي بمجلس الدولة والقضاء الإداري، أن الحالات الأربعة لاستخراج الأوراق تختلف من حالة لأخرى، ففى حالة ساقطى القيد يتم سحب نموذج من السجل المدنى، ثم تنعقد لجنة للبت فى الأمر، وفى حالة الرفض يتم رفع دعوى بالقضاء الإدارى بالدائرة الثانية أفراد، وفيما يتعلق بمجهولى الهوية، بعض الجمعيات تتكفل باستخراج الأوراق الخاصة بهم كشهادات الميلاد، و يتم اختيار أسماء جزافية غير مطابقة للأسماء الموجودة بالواقع، أصعب الحالات والأكثر تعقيدًا هي حالات المتوحولين جنيسًا، في استخراج الأوراق وفي الاعراف بهم، خاصة أن الأمر يحتاج العرض على الطبيب الشرعى، وهذا النوع من القضايا يستغرق سنوات.

تابع أحدث الأخبار عبر google news