أحدث الأخبار
السبت 19 أبريل 2025
رئيس التحرير
محمد أبو عوض
رئيس التحرير التنفيذى
أحمد حسني

خنقها قبل كده والجيران أنقذوها

الطفل نعمة تروي تفاصيل جريمة أوسيم: بابا قتل ماما بحجة عدم تجهيز العشاء وكان عايز يهرب

جريمة أوسيم.. رفضت
جريمة أوسيم.. رفضت تجهز العشاء فخنقها زوجها

جريمة أوسيم.. هل فكر الأب في عاقبة تهوره على الأبناء الأبرياء الضعفاء؟ هل يعلم أن جريمة يقترفها في لحظة تهور وطيش واندفاع أهوج ترسخ في عقلية الابن مدى حياته، وتلطخ نفسيته بمخاوف تحاصره في كل مكان تحول حياته إلى جحيم، وتفقده الشعور بالأمان مهما أحاطت به أيدي الرعاية، ويكون رد فعله بعد ذلك أحد أمرين: إما أن يظل جبانا، وإما أن يصير مجرم؟!

هذا السؤال للأب الإنسان. أما تلك النوعية ممن يحملون لقب "أب" فهذه التساؤلات لا محل لها من الإعراب؛ لأنهم أنفسهم لا يصنفون في عداد البشر بعد فقد آدميتهم لأسباب أتفه من وجودهم في الحياة.

رفضت تجهيز العشاء

هذا ما حدث في جريمة أوسيم، والتي قتل فيها أحد من يطلق عليهم رجالا زوجته؛ لأنها رفضت تجهيز العشاء له، فما كان من ذلك الكائن إلا أن يثور ويخور، ويخنقها؛ ليقضي عليها.

الأم مجني عليها، والأبناء ضحايا، وأول أولئك الضحايا الطفلة نعمة، التي لم تتجاوز الـ 16 عاما، والتي لم تفارقها دموع الحسرة منذ مقتل أمها على يد مَن يُدعَى أباها؛ لرفضها تحضير العشاء له.. أكثر من 4 ساعات من النوم المتواصل قضتها الطفلة المسكينة.. قضتها في كوابيس تطاردها في منامها، ولا تفارق جملة "بابا ماسك في إيده فوطة وكتم أنفاس ماما لحد ما ماتت".

لا تدري كيف يستوعب عقلها هذا التصرف، ولا كيف تقبل نفسيتها ما حدث.. حاولت كثيرا أن تكذب نفسها، وترفض الحقيقة التي حكاها والدها أما جهات التحقيق مرغما، عندما أمرته بأن يمثل الواقعة، ويحكي تفاصيل الجريمة أمام ابنته؛ لتعيش كابوسا هذه المرة وهي مستيقظة، كأنه عقاب لها أن أتت إلى الحياة من ذلك الأب.

نعمة تتحمل مسئولية أختها المعاقة

في أوسيم بمحافظة الجيزة، وفي منزل بسيط كانت تعيش نعمة مع أبيها وأمها حنان، التي برحيلها سكنته الأشباح، وكسته القتامة، ووسط هذه الأجواء الكئيبة الخانقة ظلت الطفلة شاردة الذهن، والحسرة تنهش قلبها على "بيتهم اللى اتخرب"، وتحملها مسؤولية شقيقتيها شيماء البالغة من العمر 9 سنوات، وهي من ذوي الهمم، وريتاج البالغة 10 سنوات.

وسط دموعها أمام جهات التحقيق توسلت لأبيها ألا يخفي شيئا عن كيفية قتله لأمها، وقال لها أثناء محاكاة الجريمة: "أمك طلعت البيت، بدلت ملابسها، ولما طلبت منها تحضير العشاء، جت أختك شيماء وادتها رغيف، فلما سألتها: ليه بتديه ليها؟ قالت لى جارتنا هتديها شوية كبدة تاكلهم. اتهمتها بالكذب عليَّ كعادتها ورغبتها في النزول من غير ما تحطي لي الأكل. ما استحملتش وهي بتقسم عليا إنها مش هتجهز لي أكل.. مسكت في هدومها، واعتديت عليها.. قاومتها وخربشتنى.. مسكت فوطة أجفف الدم من خربشتها، وبعدها حطيت الفوطة على بقها، وكتمت أنفاسها، فماتت في إيدى".

عندما وقعت هذه الأحداث لم تكن نعمة وشقيقتاها في البيت. كن جالسات مع جارتهن أم حمادة في محل البقالة الذي تملكه، ولم يلتفت أحد إلى صوت صراخ أمهن واستغاثتها.. وقالت الفتاة المقهور إنهن اندهشن جميعا لأن أمهن كانت تجلس معهن، وأخبرتهن قبل مغادرتها أنها ستطلع لشقتها لتجهيز عشاء لأبيهن، وستنزل مرة أخرى، ولما تأخرت عليهن، اعتقدن أنها غلبها النوم، ولكن عندما صعدت الطفلة شيماء إلى الشقة لكي تشرب، كانت هرولتها إليهن وقد تملكها الرعب وهي تصرخ "لقيناها مش بتنطق"، هي التي كشفت الجريمة.

حلفت عليها لو نزلتى هاقتلك

ولما نزلت شيماء أشارت بيديها إلى أختها نعمة بعلامة فهمتها "بابا ضرب ماما"، فردَّدت "ربنا يسترها"، فلا تزال ذكريات ضربة والدها لأمها عند مطالبته بمصاريف البيت عالقة في ذهنها، وراسخة في نفسيتها، مؤكدا أن الخلافات بينهما كانت بسبب النفقات، قائلة "أبويا أرزقى وبيقبض 120 جنيه ما تكفيش متطلباتنا، وساعات ماما كانت بتشتغل وتبيع علشان تساعده".

الجيران أمسكوا به قبل أن يهرب

أسرعت الطفلات ومعهن الأطفال جارتهن أم حمادة إلى شقتهن، ولكن الأب لم يكن يريد إدخالهن، وقبلها بدقائق طلب من ابنته نعمة أن تشتري إندومى لأخواتها، ونصحها "خدي بالك منهم". وأكدت نعمة أمام جهات التحقيق أن أباها كان ضارب ماما وقاتلها، وأضافت "الجارة صرخت ولمت الجيران، وقالت: حسن قتل مراته، وفضحته قبل ما يهرب من البيت كما كان ينوى.

وسألت نعمة أباه في التحقيق : قتلت ماما عن عمد؟ فهز رأسه بالإيجاب، وحكى لها "أمك لما رفضت تحط لى العشا هددتها لو ما جهزتش الأكل هاقتلها واتخلص منها".

كانت الكلمات تخرج من الأب لتخترق قلب الطفلة، وظلت في ذهول يتزايد وهي ترى أباها وهو يمثل الجريمة لتعرف بقية التفاصيل، وتابع الأب "طول عمرها بتكذب عليا، وبتطالبنى بمصاريف زيادة، وقبل ما اقتلها كانت نازلة من البيت لما جت بنتنا في المرة الأولى تطلب رغيف، فحلفت عليها لو نزلتى هاقتلك، فأصرت، وأكدت إنها مش هتجهز لي أكل".

أنت كذاب

هنا صرخت الابنة في أبيها أنه كذاب، مؤكدة أن كل مشاكلهم بسبب مطالبة أمها لأبيها بمصاريف لشراء ملابس العيد لجميع أفراد الأسرة، وتابعت "جاب إيشارب وخنقها قبل كده لولا ستر ربنا، كان زمانها ماتت ساعتها، خلصناها من إيده بالعافية، بعد الجيران لما اتدخلوا، وعدى الموضوع، لكنه انتهى بقتل أمى".

والآن أصبحت نعمة وشقيقتاها مشردتين، أبوهما في السجن، وأمهما في القبر، ولم يعد لهم أهل ولا مأوى إلا الجيران.. وتختم الطفل بكلمات من دم: "بيتنا اتدمر، أبويا اتحبس وأمى ماتت، وملناش غير ربنا"، وشهدت جميع البنات أن والدهن كان البنات كان قاسيا عليهن، ولم يشعروا معه يوما بأي سعادة أو أمان.

تابع أحدث الأخبار عبر google news