قصة مقتل أكبر ضابط بالجيش الإنجليزي بـ 7 رصاصات

سنة 1923 تم وضع الدستور المصري، واللي كان واحد من مكتسبات ثورة 1919، وبعدها بسنة زاد التوتر بين الحكومة المصرية والمحتل البريطاني بسبب الصراع على ضم السودان لمصر، ودا اتسبب في موجة من الغضب انتهت باغتيال لي ستاك سردار الجيش المصري وحاكم السودان العام، ودا كان في 20 نوفمبر 1924، والقصة دي اتسببت في حالة كبيرة من الفوضى ورجعت مصر لنقطة الصفر، ودا باعتبار انه أكبر شخصية عسكرية في البلاد.
حادثة الاغتيال دي اتسببت في إجهاض وفشل التجربة السياسية الوليدة في مصر بعد ثورة 1919، فبعد أن تم الإفراج عن سعد زغلول ورفاقه وعمل انتخابات نيابية لأول مرة، والتي كان من ضمن نتايجها فوز الوفد باكتساح، وتشكيل أول حكومة وطنية في البلاد، وعمل لجنة وضع الدستور، وكمان تم الإفراج عن المعتقلين السياسيين، لكن الحادثة دي اتسببت في حرج شديد للحكومة اللي يادوب لسه في أول خطواتها، وطبعا الإنجليز مفوتوش الفرصة دي، واستغلوها كذريعة لفرض مطالبهم التعسفية، ومنها اجبار الجيش المصري على الانسحاب من السودان، وخروج الموظفين المصريين منها، ودا خلى سعد زغلول يقدم استقالته.
نرجع بقى لتفاصيل الحادثة، واللي حصلت ضهر يوم الأربعاء 19 نوفمبر، كان السير لي ستاك خارج من مكتبه بوزارة الحربية راجع بيته في منطقة الزمالك، في الوقت دا كان في كمين معمول له من 5 أشخاص، في شارع الطرقة الغربية والمعروف دلوقت باسم إسماعيل باشا أباظة، ورموا قنبلة قرب عربيته، وضربوه بـ 7 رصاصات أصابته في بطنه بجروح خطيرة، واتصاب معاه الياور، والسواق، وهرب مرتكبي الواقعة، في عربية كانت مستنياهم.
في الوقت دا كان في عسكري قريب من مكان اطلاق الرصاص، وحاول انه يجري وراء عربية المشتبه فيهم، لكنهم ضربوا عليه النار واتصاب في ايده وراسه، واتنقل السير لي ستاك للمستشفى لكنه مات تاني يوم.
تم تشييع جثمان لى ستاك في 22 نوفمبر في جنازة رسمية كبيرة، حضرها رجال الدولة وقادة الجيش البريطاني في مصر.
لكن ازاي تم ارتكاب واقعة الاغتيال، ومن وراها؟ دا هيحتاج نرجع شوية لورا لما فكر عبدالفتاح عنايت وهو طالب بكلية الحقوق، في الانتقام لاخوه محمود، بسبب اللي عمله فيه الإنجليز، فانضم لتنظيم سري سنة 1922، وانضم اخوه عبدالحميد لجميعة اسمها اليد السوداء، وفكر في تنفيذ الهجوم من غير ما يرجع لقياداته.
وبحسب جمال بدوى في كتابة «شاهد عيان» أن عبدالفتاح عنايت حكى ان لى ستاك مكانش هو الهدف المطلوب، لكنهم كانوا عاوزين اللورد اللنبى المعتمد البريطانى وقتها.
لكن طول الوقت دا مكانش حد لسه عرف مين ورا ارتكاب واقعة الاغتيال، لحد ما اتولى إسماعيل صديقي باشا حقيبة وزارة الداخلية، وأعلن عن مكافأة 10 آلاف جنيه للإرشاد عن المنفذين، وكان قد تم القبض على السائق واللي اتعرف على المتهمين بعد كدا.
واتقدمت إدارة الأمن العام بتقرير بتاريخ 27 نوفمبر 1924، أكد ان جريمة قتل السردار كانت خطة عملتها جمعية سرية ضمن أعضائها واحد اسمه شفيق منصور المحامى، وأن الجناية حصلت بمعرفة أعضاء اللجنة التنفيذية للطلبة، وكان مرفق بالتقرير كشف فيه أسماء أشخاص كتير من الموظفين والطلبة وغيرهم، ومن بينهم أعضاء في مجلس النواب، وقامت قوة عسكرية بريطانية بالقبض على «عبد الرحمن فهمي بك، ووليم مكرم عبيد أفندي ودول أعضاء في مجلس النواب، ومحمود أفندى النقراشى ودا وكيل وزارة الداخلية، وكمان تم القبض على شفيق منصور، والشيخ مصطفى القاياتى، وراغب إسكندر، وحسن ياسين، وكلهم من النواب، ومفرقش مع الحكومة قصة الحصانة البرلمانية.
وطبعا عارض المتهمين على قرار حبسهم باعتبارهم أعضاء في مجلس النواب، على أساس انهم عندهم حصانة برلمانية طبقا للمادة 10 من الدستور، ولكن النيابة طرحت حجتها وأقوالها في الموضوع دا، والمحكمة أجازت التصرفات دي، وراح زيور باشا لدار المندوب السامي وتفاوض معاه على تسليم المقبوض عليهم للسلطات المصرية والتحقيق معاهم وتوجيه التهم لهم وفق القانون المصري.
وتم القبض على المنفذين، واعترف 7 منهم بارتكاب الحادثة، ويوم الأربعاء 13 مايو سنة 1925 تم تقديم 9 متهمين للمحاكمة وهم: عبد الفتاح عنايت - طالب بمدرسة الحقوق - 22 سنة، وأخوه عبد الحميد عنايت - طالب بمدرسة المعلمين - 19 سنة، وإبراهيم موسى - باش خراط بالعنابر - 31 سنة، ومحمود راشد أفندي - مساعد مهندس تنظيم - 33 سنة، وإبراهيم محمد - براد بالعنابر - 22 سنة، راغب حسن - نجار بمصلحة التلغراف - 23 سنة، شفيق أفندي منصور - محامي - 37 سنة، ومحمود أفندي إسماعيل - موظف بالأوقاف، ومحمود صالح محمود - سائق السيارة الأجرة، وقام إبراهيم الهلباوي بالدفاع عن المتهمين أمام المحاكمة.
ويوم الاثنين 8 يونيو صدرت الأحكام على المتهمين الثمانية الأوائل بالإعدام شنقا، والحبس سنتين مع الشغل للسائق، لكن بسبب وجود شقيقين ضمن المتهمين، ولعدم إثارة الرأي العام صدر مرسوم ملكي بتخفيف الحكم على عبدالفتاح عنايت بالسجن المؤبد.