هل تؤثر انبعاثات الأقمار الصناعية على الأرصاد ودراسات الكون؟.. أستاذ بـ"قومي البحوث" يكشف

رصد الاتحاد الدولي الفلكي تأثير الإشعاع الصادر من الأقمار الصناعية على دراسة الكون في نطاق الإشعاع الراديوي، من دراسة حديثة تم طرح التساؤلات حول مدى تأثير الإشعاع الكهرومغناطيسي الصادر من مجموعة الأقمار الصناعية Star Link التابعة لشركة SpaceX على الأرصاد الفلكية في النطاق الراديوي؟
الإشعاع الكهرومغناطيسي
من جانبه قال الدكتور محمد درويش بقسم الفلك في المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية للإجابة على هذا التساؤل، استخدم علماء الفلك ولأول مرة مصفوفة التلسكوبات الفلكية المعروفة بـ لوفر (LOFAR) والموجود بهولندا، والتي تعمل في النطاق الراديوي من 10 وحتى 240 ميجا هيرتز لمراقبة موجات الراديو منخفضة التردد من تجمع للأقمار الصناعية Star link، حيث تم الكشف عن الإشعاع الكهرومغناطيسي "الغير مقصود" المنبعث من الإلكترونيات الموجودة على متن أقمار Starlink، والتي يمكن أن تؤثر على الأبحاث الفلكية.
في دراسة نُشرت حديثاً في مجلة علم الفلك والفيزياء الفلكية (Astronomy & Astrophysics journal) ، استخدم علماء من عدد من المؤسسات البحثية الرائدة تلسكوب مصفوفة التردد المنخفض (LOFAR) المتمركز في هولندا لمراقبة 68 قمراً صناعياً من Star link صنعتها شركة SpaceX ،وضح المؤلفون أنهم اكتشفوا "إشعاعات كهرومغناطيسية غير مقصودة" صادرة من إلكترونيات على متن هذه الأقمار وأنه يختلف في التردد عن ما يتم استخدامه في الاتصالات، وقد أكد علماء الفلك الراديوي أن هذا يمثل تشويشا للموجات الراديوية الفلكية وبالتالي يجب معالجته.
ويتم الآن إجراء المزيد من التقييم العلمي بما في ذلك أنظمة الأقمار الصناعية الأخرى ، لمعرفة مدى تأثير مثل هذا النوع من الإشعاع على الأبحاث الفلكية نتيجة لذلك، أكدت الدراسة أهمية أخذ هذا التأثير في الاعتبار عند صناعة و تطوير المركبات الفضائية والأقمار الصناعية المخصصة لهذا الغرض.
هل من الممكن اكتشاف نفس الظاهرة عند دراسة الأقمار الصناعية التي تعمل في المدار المنخفض للأرض؟
وأضاف الأستاذ بمعهد البحوث الفلكية، دائماً ما يهتم علماء الفلك، الذين يستقبلون الإشعاعات والإشارات الخافتة جدا من الأجرام السماوية، بالإشارات الاصطناعية والمصنوعة من قبل الإنسان والتي من الممكن أن تلاشي القادمة من الاجرام الفلكية. ومن ثم، فإن معظم التلسكوبات الراديوية مبنية في مواقع ذات حماية لاسلكية خاصة من التداخل الأرضي (مثل موجات الإذاعة والتليفزيون). يقع بعضها في مناطق هادئة لاسلكية بالتنسيق مع المنظمات الحكومية والجهات المعنية بهذا الأمر.
لكن حقيقة وعلى الجانب الآخر، تمثل الأقمار الصناعية مثل Star link (والتي من المفترض أن تقدم بعض الخدمات الخاصة بمراقبة الأرض وكذلك الإنترنت) وكذلك أيضاً الأقمار الصناعية في المدار المنخفض تعقيدا كبيراً للأرصاد الفلكية ومجال رؤية التلسكوبات أيا كان اتجاهها.
وبهذا سيكون لدى أي تلسكوب راديوي العديد من الأقمار الصناعية التي تشع إشارات في مدى رؤيته في أي وقت. ولهذا يعتبر اكتشاف المصادر الإضافية الغير الصادرة من الاتصالات أمرًا مهماً للغاية ويستحق مزيدًا من الدراسة لتفادى التداخل في الاشعاعات الراديوية الصادرة من الأجرام السماوية والأخرى الصادرة بشكل غبر مقنن من الأقمار الصناعية.
وأكد الباحث الرئيسي فيديريكو دي فرونو: "أن هذه الدراسة تمثل أفضل وأخر ما توصل العلماء إلية في تأثير مثل هذه التجمعات للأقمار الصناعية على دراسة الأجرام السماوية في نطاق الفلك الراديوي".
وأكد العالم “سييس باسا” والمشارك في الدراسة انه باستخدام LOFAR تم اكتشاف إشعاعًا رادايويا في نطاق يتراوح بين 110 و 188 ميجاهرتز ينبعث من 47 قمرا صناعيا من أصل 68 تم متابعتها ومن المؤسف ان يتضمن نطاق التردد هذا نطاقًا من المفروض انه محميًا بين 150.05 و 153 ميغا هرتز ومخصصًا بشكل خاص لدراسات الفلك الراديوي من قبل الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) ".
يتوقع القائمون على الدراسة اكتشاف انبعاثات غير مقصودة مماثلة من أقمار صناعية أخرى تدور حول الأرض في مدارات منخفضة ، وقد تم التخطيط بالفعل لمزيد من أعمال القياس التي تركز على مجموعات الأقمار الصناعية الأخرى.
وفي سياق متصل، ومن خلال المحاكاة حاول الباحثين في هذا المجال فهم العلاقة بين عدد الأقمار الصناعية في التجمع الواحد وكمية الاشعاع المعروف بالغير مقصود وقد توصلوا إلى انه كلما زاد عدد الأقمار كلما زادت نسبة الإشعاع القادم وبالتالي هناك المزيد من التخوف ليس فقط من العدد الموجود حاليا ويعمل في الفضاء بل أيضا من تأثير ما هو مخطط له مستقبلا.
ويعتبر التعاون والتنسيق مع مشغلي الأقمار الصناعية وتنظيم عملها وعلماء الفلك الراديوي هو الحل المثالي لتجتنب هذا التداخل الذي قد يفسد نتائج الدراسات العلمية حول الكون.
وأكد الباحثين أنهم على اتصال وثيق مع SpaceX، وقد عرضت الشركة مواصلة مناقشة الطرق الممكنة للتخفيف من أي آثار ضارة على علم الفلك وأبدت حسن نيتها ,وبناء على ذلك، أدخلت SpaceX بالفعل تغييرات على الجيل القادم من الأقمار الصناعية والتي يمكن أن تخفف من تأثير هذه الانبعاثات غير المقصودة على المشاريع الفلكية المهمة.
تابع أحدث الأخبار عبر