جرائم بوكو حرام وأثرها على بناء الدولة واستقرارها في أفريقيا (2)
بوكو حرام تهدد بناء الدولة الوطنية في أفريقيا

لقد أدى التصعيد المتزايد للهجمات الإرهابية التي تقوم بها الجماعات الإرهابية، وفي مقدمتها جماعة بوكو حرام، لاسيما في شمال شرق نيجيريا، إلى توقف الكثير من الأشخاص عن ممارستهم لأنشطتهم التجارية، وتزايد معدلات الهجرة من المناطق المتضررة، فقد اضطرت مجموعة من الشركات إلى توقيف أنشطتها، واضطر البعض الآخر إلى تسريح العمال وتقليص ساعات العمل، فضلا عن انخفاض الاستثمارات في المناطق المتأثرة، فقد جاء في تقرير الاستثمار العالمي لعام 2011 م، الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، أن التراجع في الأنشطة التجارية كلف الاقتصاد النيجيري ما يقرب من 6 بليون دولار، نتيجة الهجمات التي تشنها جماعة بوكو حرام فى مختلف أنحاء البلاد.

كما أثرت الهجمات الإرهابية على النشاط الزراعي في البلاد، خاصة في بعض المناطق الرئيسة لزراعة الأغذية، وتُعدّ كل من ولايات: اداماوا (ADAMAWA)، يوبي (YOBI)، بورنو (BORNO)، الأكثر تضررا من تلك العمليات، كما أنها تُعدّ مناطق إنتاج أساسية لبعض المنتجات كاللوبيا، الأرز، الطماطم، البطاطا، البصل، والذرة إضافة لرعي الماشية، وإنتاج الأسماك، وقد أدى تصاعد العمليات الإرهابية في المنطقة إلى توقف المزارعين عن الذهاب إلى أراضيهم وحقولهم خشية تعرضهم للهجوم، وهو ما أدى لتراجع الإنتاج الزراعي الذي يُعدّ مصدر عيش معظم النيجيريين، ووفقا لتصريحات مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين (أنطونيو غوتيريس)، فقد أجبر أكثر من حوالى 1.5 مليون شخص أكثرهم من المزارعين على الفرار من ديارهم عام 2015 م، كما تعطلت الطرق الزراعية بين الشمال الشرقي والجنوب مما أثر على نقل وتوزيع الأغذية.
تدهور الأوضاع الصحية وتفشي الأمراض والأوبئة
إن الهجمات التي تقوم بها جماعة بوكو حرام أودت بالكثير من الأرواح، وتسببت في قتل وجرح ألاف الأشخاص، لاسيما بعد اعتمادها على استراتيجية الهجمات الانتحارية الواسعة منذ 2011 م، فأثناء النصف الأول من العام 2014 م، قُتل حوالي 2053 شخص جراء الهجمات الإرهابية الواسعة النطاق.

في أكتوبر من العام 2015 م، وقع انفجار مزدوج في منطقتي كوج (KUJE) ونيانيا (NYANYA)، أدى لوقوع عشرات القتلى والجرحى، وقد نتج عن ارتفاع حصيلة القتلى والجرحى اكتظاظ مراكز الرعاية الصحية والمستشفيات بالمصابين، وهذا الأمر قد شكل ضغطا كبيرا على الدولة، إضافة إلى استهداف الحركة في عملياتها الهجومية لمراكز الرعاية الصحية وتدميرها، مما أدى إلى فرار العاملين في هذه المراكز من أماكن عملهم خوفا على حياتهم، وبالتالي تدنت الخدمات الصحية، وزادت معدلات انتشار الأمراض والأوبئة.
تضرر القطاع التعليمي
إن العمليات التى قامت بها جماعة بوكو حرام أثرت بشكل كبير ومباشر على القطاع التعليمي، إذ استهدفت الحركة المدارس والكليات والجامعات، وهو ما أدى إلى إصابات في صفوف الطلبة والمدرسين بجروح، وكذا عمليات القتل والاختطاف وتدمير المرافق، فكان للنزاع وانعدام الأمن تأثير سلبي على حصول الأطفال على التعليم، وعلى توفر أماكن التعليم والمواد التعليمية، وقدرة المدرسين على أداء وظيفتهم، فقد صرح (مايكل أولوكويا) (MICHAEL OLUKOYA)، رئيس الاتحاد الوطني النيجيري للمعلمين، عام 2015 م، بأن 600 مدرس قد قتلوا جراء الهجمات التى تشنها بوكو حرام، كما أنه قد تم إغلاق الكثير من مدارس ولاية بورنو.

يضاف إلى ذلك عمليات الاختطاف التي طالت طلاب المدارس، ففي 14 أبريل من العام 2014 م، تم اختطاف ما يقرب من 276 تلميذة من مدرسة ثانوية في مدينة شيبوك (CHIBOK) معظمهن مسيحيات، وقد استمرت الحركة في تنفيذ استراتيجيتها عام 2018 م، إذ قامت باختطاف 110 فتاة من مدرسة دبشي (DAPCHI) الثانوية في ولاية يوبي، كل هذا أدى إلى عزوف الأباء عن تسجيل أبنائهم بالمدارس، فمنطقة الشمال الشرقي لنيجيريا هي منطقة فى الأساس تعانى من الناحية التعليمية حتى قبل اندلاع النزاع، وقد فاقم تصاعد حدة هجمات الحركة من تردي الأوضاع وإضعاف المنطقة بشكل أكبر مع زيادة ظاهرة التسرب المدرسي، وارتفاع نسبة الأمية والبطالة، وهو الأمر الذي سيوفر فرصة لبوكو حرام لتجنيدهم كانتحاريين وإرهابيين، وبالتالي زيادة واستمرار العنف في أرجاء البلاد.
تفشي ظاهرة الهجرة غير الشرعية والنزوح السكاني
أسفرت الهجمات التي تقوم بها جماعة بوكو حرام عن دمار واسع لم تستثن فيه المنازل والقرى، مما أدى إلى نزوح أعداد كبيرة من الأفراد من ولايات الشمال الشرقي إلى ولايات أخرى في نيجيريا أو باتجاه البلدان المجاورة، فوفقاً لتقرير مفوضية الأمم المتحدة الإنسانية للاجئين (MNHCR)، هاجر ما يقرب من 5 ألاف شخص من منطقة شمال نيجيريا نتيجة تصاعد حدة أعمال العنف في المنطقة، كما كشفت المفوضية انه قد عبر ما يقرب من 10 آلاف نيجيري الحدود نحو الكاميرون والنيجر وتشاد عام 2013م.

وفقا للمنظمة الدولية للهجرة، نزح أكثر من 2.1 مليون شخص، عام 2015 م، من نيجيريا بسبب هجمات بوكو حرام، وهؤلاء في حاجة ماسة للمأوى المناسب وإعادة التوطين على المدى البعيد، واذا استمرت أعداد النازحين في الزيادة فإنها سوف تصبح قضية أمنية حرجة لنيجيريا، لاسيما أن أغلبية النازحين داخليا يقيمون في المدارس والكنائس وأماكن الإقامة المؤقتة التي تُعدّ في معظمها مباني غير مكتملة أو منازل مهجورة مكتظة غير مكتملة المرافق، علاوة على تفشي حالات السرقة والاغتصاب، وانتقال الأمراض، وغالبا ما تكون النساء الأكثر تضررا في مثل هذه الحالات، ووفقا لإحصائيات عام 2018 م، فقد أسفرت عمليات بوكو حرام عن 1.7 مليون نازح داخليا و229 ألف لاجئ في كل من الكاميرون، تشاد، والنيجر.
المصادر والمراجع
المصادر والمراجع العربية
- ولد الأمير، سيدي أحمد، بوكو حرام والسياقات المتداخلة..مبايعة البغدادي ومعارضة الانتخابات، تقرير مركز الجزيرة للدراسات، قطر، 24 مارس 2015 م.
- مرتضى، أحمد، جماعة بوكو حرام: نشأتها ومبادئها و أعمالها في نيجيريا، مجلة دراسات أفريقية، المنتدى الاسلامي، العدد الثاني عشر، القاهرة، أبريل 2012 م.
- عبد المؤمن، عبد العزيز، التهديدات الأمنية الجديدة وانعكاساتها على منطقة غرب أفريقيا، مجلة دراسات انسانية واجتماعية، الجزائر، المجلد التاسع، العدد الثاني، 2020م.
- حموم، فريدة، حركة بوكو حرام كتهديد للأمن الإنساني في نيجيريا، المجلة الاكاديمية للبحوث القانونية والسياسية، المجلد الخامس، العدد الثاني، الجزائر، سبتمبر 2021م.
- عبد الرحمن، حمدي، تحولات الخطاب الإسلامي في أفريقيا، مركز الأهرام للنشر، القاهرة، الطبعة الأولى، 2015م.
- شتيكر، کلاوس، فشل نيجيريا وصحوة عالمية في مواجهة بوكو حرام، ترجمة: رائد الباس، دويتشة، قنطرة، د. ن، 2014 م.
- نشوان بن سعيد الحميرى اليمني، شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم، تحقيق: حسين بن عبد الله العمري وآخرون، دار الفكر المعاصر، بيروت - لبنان، دار الفكر، دمشق – سورية، الطبعة الأولى، 1420 هـ - 1999 م.
- أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، 1399هـ - 1979م.
- أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري، العين، تحقيق: مهدي المخزومي، إبراهيم السامرائي، دار ومكتبة الهلال، د. ت.
- محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، تهذيب اللغة، تحقيق: محمد عوض مرعب، دار إحياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 2001م.
- أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الرابعة، 1407 هـ - 1987 م.
- أحمد مختار عبد الحميد عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، عالم الكتب، الطبعة الأولى، 1429 هـ - 2008 م.
- رينهارت بيتر آن دُوزِي، تكملة المعاجم العربية، نقله إلى العربية وعلق عليه: محمَّد سَليم النعَيمي، جمال الخياط، وزارة الثقافة والإعلام، العراق، الطبعة الأولى، من 1979 - 2000 م.
- عادل عبد الجواد محمد الكردوسي، التعاون العربي ومكافحة الاجرام، مكتبة الآداب، مصر، الطبعة الأولى، 2005م.
المصادر والمراجع الأجنبية
- Florent Geel, Nigeria: Les Crimes de mass de Boko Haram, Federation International des Ligues des droits de l'homme, Paris France, 2015.
- Jibrin Ibrahim and Saleh Bala. "Civilian led governance and Security in nigeria after Boko Haram", Special Report, United state Institute of Peace, December 2018.
- Nnka Sophie Amola, " Impact of Boko Haram Insurgency on Human Security in Nigeria", Global Journal of Social Sciences, Vol. 14, 2015.
- Calder, James D. (1995). Mafia Women in Non-Fiction. In J. Albanese, ed., Contemporary Issues in Organized Crime. Willow Tree Press.
- Finckenauer, James O. (2005). Problems of Definition: What is Organized Crime? Trends in Organized Crime, vol. 8.
- Maltz, Michael. (1985). On Defining Organized Crime. In Alexander, H. and Caiden, G., eds. The Politics and Economics of Organized Crime. Lexington Books.
- Hagan, Frank E. (1983). The Organized Crime Continuum: A Further Specification of a New Conceptual Model. Criminal Justice Review, vol. 8.
- Kegö, Walter, Erik Leijonmarck, and Alexandru Molcean, eds. (2011). Organized Crime and the Financial Crisis: Recent Trends in the Baltic Sea Region. Stockholm: Institute for Security and Development Policy.
- Tusikov, Natasha. (2012). Mortgage Fraud and Organized Crime in Canada. Trends in Organized Crime, vol. 11.
- Bassiouni, M. Cherif. (1990). Effective National and International Action against Organized Crime and Terrorist Criminal Activities. Emory International Law Review, vol. 4.
- Jibrin Ibrahim and Saleh Bala. "Civilian led governance and Security in nigeria after Boko Haram", Special Report, United state Institute of Peace, December 2018.
- Salisu Shuaibu and other, "The Impact of Boko Haram Insurgency on Nigerian National Security ", International Journal of academic research in Business and Social Sciences, Vol. 05, No. 06. Jun, 2015.
المواقع الالكترونية
مواقع الإنترنت العربية
- عبد الحليم، أميرة، دراسة بعنوان: الغرب الأفريقي: نيجيريا بين الداخل الديني والخارج النفطي، مجلة السياسة الدولية، تاريخ النشر: 12 ابريل 2012، تاريخ الزيارة: 3 يوليو 2023، ينظر الرابط: http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=887220&eid=121.
- سعيد، اكرم، مقال بعنوان: نيجيريا العنف الطائفي يأكل مقومات الدولة، المركز العربي للبحوث، تاريخ النشر: 9 فبراير 2014، تاريخ الزيارة: 3 يوليو 2023، ينظر الرابط: http://www.acrseg.com/2507.
- نون بوست، مقال بعنوان: بوكو حرام الجماعة التي تهدد نيجيريا، تاريخ النشر: 10 مارس 2014، تاريخ الزيارة: 3 يوليو 2023، ينظر الرابط:http://www.noonpost.net/content/2089.
- وكالة أنباء الشرق الأوسط، تقرير بعنوان: ساعة الفقر العالمي: نيجيريا الأولى إفريقيا بـ70 مليون مواطن تحت خط الفقر، موقع صحيفة الأهرام الالكتروني، تاريخ النشر: 21 مارس 2022، تاريخ الزيارة: 3 يوليو 2023، ينظر الرابط التالي: https://gate.ahram.org.eg/News/3449557.aspx.
مواقع الإنترنت الأجنبية
- Nigeria Economy,on: http://www.theodora.com.
- Chris Ngwodo, Understanding Boko Haram: A Theology of Chaos, 13 march, 2017, Date of visit: 21 jan, 2022, on: http://chrisngwodo.blogspot.com.
- Jacob Zenn." Boko Haram Recrutment, Financing and Arms Traffiking in the lake Chade region", Combating terrorisme center. October 2014. Date of visit: 3 march, 2022, At: https://ctc.usma.edu/boko-haram-recruitment-financing-and-arms-trafficking-in-the-lake-chad-region.
تابع أحدث الأخبار عبر